[سورة الواقعة (56) : الآيات 57 الى 65]

نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (57) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)

وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (62) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65)

بِقَوْلِهِ: نَحْنُ خَلَقْناكُمْ، قَالَ مُقَاتِلٌ خَلَقْنَاكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا وَأَنْتُمْ تعلمون ذلك، فَلَوْلا فَهَلَّا تُصَدِّقُونَ، بِالْبَعْثِ.

أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) ، ما تَصُبُّونَ فِي الْأَرْحَامِ مِنَ النُّطَفِ.

أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ، يعني أأنتم تخلقون [1] مَا تُمْنُونَ بَشَرًا. أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (59) نَحْنُ قَدَّرْنا، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ وَالْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِهَا وَهُمَا لُغَتَانِ بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ، قَالَ مُقَاتِلٌ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْهَرَمَ وَمِنْكُمْ مَنْ يَمُوتُ صَبِيًّا وَشَابًّا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَقْدِيرُهُ إِنَّهُ جَعَلَ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ فِيهِ سَوَاءً فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى قَدَّرْنَا قَضَيْنَا. وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ، بِمَغْلُوبِينَ عَاجِزِينَ عَنْ إِهْلَاكِكُمْ وَإِبْدَالِكُمْ بِأَمْثَالِكُمْ.

فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ

، يَعْنِي نَأْتِي بِخَلْقٍ مِثْلِكُمْ بَدَلًا مِنْكُمُ، وَنُنْشِئَكُمْ

، نَخْلُقُكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ

، مِنَ الصُّوَرِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: فِي أَيِّ خَلْقٍ شِئْنَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْ نُبَدِّلَ صِفَاتَكُمْ فَنَجْعَلَكُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ كَمَا فَعَلْنَا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، يَعْنِي إِنْ أَرَدْنَا أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ مَا فَاتَنَا ذَلِكَ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فيما لَا تَعْلَمُونَ يَعْنِي فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ سُودٍ تَكُونُ بِبَرَهُوتَ كَأَنَّهَا الْخَطَاطِيفُ وبَرَهُوتُ وَادٍ بِالْيَمَنِ [2] .

وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى، الْخِلْقَةَ الْأُولَى ولم تكونوا شيئا. فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ، أَنِّي قَادِرٌ عَلَى إِعَادَتِكُمْ كَمَا قَدَرْتُ عَلَى إِبْدَائِكُمْ. [3]

أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) ، يَعْنِي تُثِيرُونَ مِنَ الْأَرْضِ وَتُلْقُونَ فِيهَا مِنَ الْبَذْرِ.

أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ، تُنْبِتُونَهُ، أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ، الْمُنْبِتُونَ.

لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً، قَالَ عَطَاءٌ تِبْنًا لَا قَمْحَ فِيهِ، وَقِيلَ: هَشِيمًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي مَطْعَمٍ وَغِذَاءٍ فَظَلْتُمْ، وَأَصْلُهُ فَظَلَلْتُمْ، حُذِفَتْ إِحْدَى اللَّامَيْنِ تَخْفِيفًا. تَفَكَّهُونَ، تَتَعَجَّبُونَ بِمَا نَزَلَ بِكُمْ فِي زَرْعِكُمْ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ: وَقِيلَ: تَنْدَمُونَ عَلَى نَفَقَاتِكُمْ، وَهُوَ قَوْلُ يَمَانٍ، نَظِيرُهُ:

فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى مَا أَنْفَقَ فِيها [الْكَهْفِ: 42] ، وَقَالَ الْحَسَنُ: تَنْدَمُونَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْكُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي أَوْجَبَتْ تِلْكَ الْعُقُوبَةَ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: تتلاومون. قال ابْنُ كَيْسَانَ: تَحْزَنُونَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ تَلَهُّفٌ عَلَى مَا فَاتَ وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: تفكهت أي تنعمت وتفكهت أي حزنت.

[سورة الواقعة (56) : الآيات 66 الى 73]

إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70)

أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (72) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015