محمد بن إسماعيل ثنا حفص بْنُ عُمَرَ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ [قَالَ] : لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (18) قَالَ: «رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ سَدَّ أفق السماء» .
قوله: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) ، هَذِهِ أَسْمَاءُ أَصْنَامٍ اتَّخَذُوهَا آلِهَةً يَعْبُدُونَهَا، اشْتَقُّوا لَهَا أَسْمَاءً مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالُوا: مِنَ اللَّهِ اللَّاتُ، وَمِنَ الْعَزِيزِ الْعُزَّى. وَقِيلَ: الْعُزَّى تَأْنِيثُ الْأَعَزِّ، أَمَّا اللَّاتُ قَالَ قَتَادَةُ: كَانَتْ بِالطَّائِفِ، وَقَالَ ابْنُ زيد: بيت نخلة كَانَتْ قُرَيْشٌ تَعْبُدُهُ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو صَالِحٍ: اللَّاتَّ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، وَقَالُوا: كَانَ رَجُلًا يَلُتُّ السَّوِيقَ لِلْحَاجِّ، فَلَمَّا مَاتَ عكفوا عن قَبْرِهِ يَعْبُدُونَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، كَانَ فِي رَأْسِ جَبَلٍ لَهُ غُنَيْمَةٌ يَسْلَأُ مِنْهَا السَّمْنَ وَيَأْخُذُ مِنْهَا الْأَقِطَ، وَيَجْمَعُ رِسْلَهَا ثُمَّ يَتَّخِذُ مِنْهَا حَيْسًا فَيُطْعِمُ مِنْهُ الْحَاجَّ، وَكَانَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ، فَلَمَّا مَاتَ عَبَدُوهُ، وَهُوَ اللَّاتُّ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ يُقَالُ لَهُ صِرْمَةُ بْنُ غَنْمٍ، وَكَانَ يَسْلَأُ السَّمْنَ فَيَضَعُهَا عَلَى صَخْرَةٍ ثُمَّ تَأْتِيهِ الْعَرَبُ فَتَلُتُّ بِهِ أَسْوِقَتَهُمْ، فَلَمَّا مَاتَ الرَّجُلُ حَوَّلَتْهَا ثقيف إلى منازلها فعبدتها، فعمدت [1] الطَّائِفِ عَلَى مَوْضِعِ اللَّاتِ. وَأَمَّا الْعُزَّى قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ شَجَرَةٌ بِغَطَفَانَ كَانُوا يَعْبُدُونَهَا.
«2061» فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَقَطَعَهَا فَجَعَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَضْرِبُهَا بِالْفَأْسِ وَيَقُولُ:
يَا عِزُّ كُفْرَانَكَ لَا سُبْحَانَكْ ... إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكْ
فَخَرَجَتْ مِنْهَا شَيْطَانَةٌ نَاشِرَةً شعرها داعية بويلها وَاضِعَةً يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا. وَيُقَالُ: إِنْ خَالِدًا رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَدْ قَلَعْتُهَا، فَقَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما قلعت، فعاودها [2] وَمَعَهُ الْمِعْوَلُ فَقَلَعَهَا وَاجْتَثَّ أَصْلَهَا فَخَرَجَتْ مِنْهَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ، فَقَتَلَهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم