إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ، يَعْنِي لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ، وهو القوي المتقدر الْمُبَالِغُ فِي الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ.
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا، كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، ذَنُوباً، نَصِيبًا مِنَ الْعَذَابِ، مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ، مِثْلَ نَصِيبِ أصحابهم الذين أهلكوا مَنْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ، وَأَصْلُ الذَّنُوبِ فِي اللُّغَةِ: الدَّلْوُ الْعَظِيمَةُ الْمَمْلُوءَةُ مَاءً، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْحَظِّ وَالنَّصِيبِ، فَلا يَسْتَعْجِلُونِ، بِالْعَذَابِ يَعْنِي أَنَّهُمْ أُخِّرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (60) ، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقِيلَ: يَوْمُ بَدْرٍ.
مكية وهي تسع وأربعون آية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالطُّورِ (1) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)
وَالطُّورِ، أَرَادَ بِهِ الْجَبَلَ الَّذِي كلم الله تعالى عليه وموسى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.
وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (2) ، مكتوب.
فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) ، الرق: مَا يُكْتَبُ فِيهِ، وَهُوَ أَدِيمُ المصحف والمنشور الْمَبْسُوطُ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا كَتَبَ اللَّهُ بِيَدِهِ لِمُوسَى مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُوسَى يَسْمَعُ صَرِيرَ الْقَلَمِ. وَقِيلَ: هو اللوح المحفوظ. وقيل: هو داودين الْحَفَظَةِ تَخْرُجُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْشُورَةً، فَآخِذٌ بِيَمِينِهِ وَآخِذٌ بِشِمَالِهِ.
دَلِيلُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً [الإسراء: 13] .
[سورة الطور (52) : الآيات 4 الى 10]
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دافِعٍ (8)
يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً (9) وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً (10)
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) ، بِكَثْرَةِ الْغَاشِيَةِ وَالْأَهْلِ، وهو بيت في السماء السابعة حِذَاءَ الْعَرْشِ بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ يُقَالُ لَهُ: الضُّرَاحُ، حُرْمَتُهُ فِي السَّمَاءِ كَحُرْمَةِ الْكَعْبَةِ فِي الْأَرْضِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَطُوفُونَ بِهِ وَيُصَلُّونَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا.
وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5) ، يَعْنِي السَّمَاءَ نَظِيرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً [الْأَنْبِيَاءِ: 32] .
وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (6) ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَالضَّحَّاكُ: يَعْنِي الْمُوقَدَ الْمُحْمَى بِمَنْزِلَةِ التنور