مُحَمَّدٍ بن إسماعيل ثنا صدقة أنا الْوَلِيدُ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنِي عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ حَدَّثَنِي عُبَادَةُ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ:
اللَّهُمَّ [1] اغْفِرْ لِي، أَوْ [2] دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى [3] قبلت صلاته» .
وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (22) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)
هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24)
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19) ، السَّائِلُ الَّذِي يَسْأَلُ النَّاسَ، وَالْمَحْرُومُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْغَنَائِمِ [4] سَهْمٌ، وَلَا يجري عليه من الفيء سهم [5] ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بن المسيب، قال: الْمَحْرُومُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ سَهْمٌ، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: الَّذِي مُنِعَ الْخَيْرَ وَالْعَطَاءَ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ: الْمَحْرُومُ الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ الْمُصَابُ ثَمَرُهُ أَوْ زَرْعُهُ أَوْ نَسْلُ مَاشِيَتِهِ. وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قال: المحروم صاحب الحاجة، ثُمَّ قَرَأَ: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) [الْوَاقِعَةِ: 66- 67] .
وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ، عِبَرٌ، لِلْمُوقِنِينَ، إِذَا سَارُوا فِيهَا مِنَ الْجِبَالِ وَالْبِحَارِ وَالْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ وَأَنْوَاعِ النَّبَاتِ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ، آيَاتٌ إِذْ كَانَتْ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْمًا إِلَى أَنْ نُفِخَ [6] فِيهَا الرُّوحُ وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ اخْتِلَافَ الْأَلْسِنَةِ وَالصُّوَرِ وَالْأَلْوَانِ وَالطَّبَائِعِ. وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يُرِيدُ سَبِيلَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مِنْ مَدْخَلٍ وَاحِدٍ وَيُخْرِجُ مِنْ السبيلين. أَفَلا تُبْصِرُونَ، قَالَ مُقَاتِلٌ: أَفَلَا تُبْصِرُونَ كَيْفَ خَلَقَكُمْ فَتَعْرِفُوا قُدْرَتَهُ عَلَى الْبَعْثِ.
وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْمَطَرَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْأَرْزَاقِ، وَما تُوعَدُونَ، قَالَ عَطَاءٌ: مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: وَمَا تُوعَدُونَ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثم أقسم بنفسه فقال:
فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ، أَيْ مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَمْرِ الرِّزْقِ لِحَقٌّ، مِثْلَ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ: مِثْلَ بِرَفْعِ اللَّامِ بَدَلًا مِنْ الْحَقِّ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنَّصْبِ أَيْ كَمِثْلِ، مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ، فَتَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقِيلَ: شَبَّهَ تحقق ما أخبر عنه بتحقق نُطْقِ الْآدَمِيِّ، كَمَا تَقُولُ: إِنَّهُ لحق كما أنت هاهنا، وَإِنَّهُ لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ، وَالْمَعْنَى: إِنَّهُ فِي صِدْقِهِ وَوُجُودِهِ كَالَّذِي تَعْرِفُهُ ضَرُورَةً:
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: يَعْنِي كَمَا أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَنْطِقُ بِلِسَانِ نَفْسِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْطِقَ بِلِسَانِ غَيْرِهِ كذلك كَلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ رِزْقَ نَفْسِهِ الَّذِي قُسِمَ لَهُ. وَلَا يَقْدِرُ أن يأكل رزق غيره.