إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ، أَعْطَاهُمْ، رَبُّهُمْ، مِنَ الْخَيْرِ وَالْكَرَامَةِ، إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ، قَبْلَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ، مُحْسِنِينَ، فِي الدُّنْيَا.
كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) ، وَالْهُجُوعُ النَّوْمُ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ، وَمَا صِلَةٌ، وَالْمَعْنَى:
كَانُوا يَهْجَعُونَ قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ أَيْ يُصَلُّونَ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كَانَ اللَّيْلُ الَّذِي يَنَامُونَ فِيهِ كُلُّهُ قَلِيلًا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَعْنِي: كَانُوا قَلَّ لَيْلَةٌ تَمُرُّ بِهِمْ إِلَّا صَلَّوْا فِيهَا شَيْئًا إِمَّا مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ من أوسطها [أو من آخرها] [1] .
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كَانُوا يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: كَانُوا لَا يَنَامُونَ حَتَّى يُصَلُّوا الْعَتَمَةَ. قَالَ مُطْرِفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ: قَلَّ لَيْلَةٌ أَتَتْ عَلَيْهِمْ هَجَعُوهَا كُلَّهَا. قَالَ مُجَاهِدٌ:
كَانُوا لَا يَنَامُونَ كُلَّ اللَّيْلِ. وَوَقَفَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ: قَلِيلًا أَيْ كَانُوا مِنَ النَّاسِ قَلِيلًا ثُمَّ ابْتَدَأَ: مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَجَعَلَهُ جَحْدًا أَيْ لَا يَنَامُونَ بِاللَّيْلِ الْبَتَّةَ، بَلْ يَقُومُونَ لِلصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَمُقَاتِلٍ.
وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) ، قَالَ الْحَسَنُ: لَا يَنَامُونَ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا أَقَلَّهُ، وَرُبَّمَا نَشِطُوا فَمَدُّوا إلى السحر، ثم أخذوا في الأسحار بالاستغفار [2] . وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: وَبِالْأَسْحَارِ يُصَلُّونَ، وَذَلِكَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ بِالْأَسْحَارِ لِطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ.
«2027» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ محمد المخلدي أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق السراج ثنا قتيبة ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ [3] الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ مَنِ الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنِ الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنِ الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي فأغفر له» .