إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ، حِينَ صَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ عَنِ الْبَيْتِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَأَنْكَرُوا مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَمِيَّةُ: الْأَنَفَةُ، يُقَالُ: فَلَانَ ذُو حَمِيَّةٍ إِذَا كَانَ ذَا غَضَبٍ وَأَنَفَةٍ. قَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ: قَدْ قَتَلُوا أَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا ثُمَّ يَدْخُلُونَ عَلَيْنَا، فَتَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَيْنَا عَلَى رَغْمِ أَنْفِنَا، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا يَدْخُلُونَهَا عَلَيْنَا، فَهَذِهِ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ، الَّتِي دَخَلَتْ قُلُوبَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى لَمْ يَدْخُلْهُمْ مَا دَخْلَهُمْ مِنَ الْحَمِيَّةِ فَيَعْصُوا اللَّهَ فِي قِتَالِهِمْ، وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وقَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: كَلِمَةُ التَّقْوَى «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» [1] وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا.

وَقَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ: كَلِمَةُ التَّقْوَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: هِيَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وَكانُوا أَحَقَّ بِها، مِنْ كُفَّارِ مَكَّةَ، وَأَهْلَها، أَيْ وَكَانُوا أَهْلَهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَ لِدِينِهِ وَصُحْبَةِ نَبِيِّهِ أَهْلَ الْخَيْرِ، وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً.

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيَ فِي الْمَنَامِ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّهُ يَدْخُلُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ آمِنِينَ، ويحلقون رؤوسهم ويقصرون، فأخبره بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ، فَفَرِحُوا وَحَسِبُوا أَنَّهُمْ دخلوا مَكَّةَ عَامَهُمْ ذَلِكَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا ولم يدخلوا شقّ عليهم ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.

«1976» وَرُوِيَ عَنْ مَجْمَعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ: قَالَ شَهْدِنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، فلما انصرفنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015