قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا هَاهُنَا صِلَةٌ، مَعْنَاهُ: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ، يَعْنِي الصَّبْرُ وَالْغَضَبُ، وَالْحِلْمُ وَالْجَهْلُ، وَالْعَفْوُ وَالْإِسَاءَةُ. ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَرَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَبِالْحِلْمِ عِنْدَ الْجَهْلِ، وَبِالْعَفْوِ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ. فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ يَعْنِي إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ خَضَعَ لَكَ عَدُوُّكَ وَصَارَ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ، كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، كالصديق القريب [1] .

قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَانَ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ شِدَّةِ عَدَاوَتِهِ بِالْمُصَاهَرَةِ الَّتِي حَصَلَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَصَارَ وَلِيًّا بِالْإِسْلَامِ، حَمِيمًا بِالْقَرَابَةِ.

وَما يُلَقَّاها، مَا يُلَقَّى هَذِهِ الْخَصْلَةَ وَهِيَ دَفْعُ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ، إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا، عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ وَاحْتِمَالِ الْمَكْرُوهِ، وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، فِي الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الْحَظُّ الْعَظِيمُ الْجَنَّةُ، أَيْ مَا يُلَقَّاهَا إِلَّا مَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ.

وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ، لِاسْتِعَاذَتِكَ وَأَقْوَالِكَ الْعَلِيمُ، بِأَفْعَالِكَ وَأَحْوَالِكَ.

قَوْلُهُ: وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ، إِنَّمَا قَالَ خَلَقَهُنَّ بِالتَّأْنِيثِ لِأَنَّهُ أَجْرَاهَا عَلَى طَرِيقِ جَمْعِ التَّكْسِيرِ، وَلَمْ يُجْرِهَا عَلَى طَرِيقِ التَّغْلِيبِ لِلْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ، إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ.

فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا، عَنِ السُّجُودِ، فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ، لَا يَمَلُّونَ ولا يفترون.

[سورة فصلت (41) : الآيات 39 الى 43]

وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) مَا يُقالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (43)

وَمِنْ آياتِهِ، دَلَائِلِ قُدْرَتِهِ، أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً، يَابِسَةً غَبْرَاءَ لا إنبات فِيهَا، فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا، يَمِيلُونَ عَنِ الْحَقِّ فِي أَدِلَّتِنَا، قَالَ مُجَاهِدٌ: يُلْحِدُونَ فِي آياتنا بالمكاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015