فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا، عَذَابَنَا، سُنَّتَ اللَّهِ، قِيلَ [1] نَصْبُهَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ كَسُنَّةِ اللَّهِ. وَقِيلَ: عَلَى الْمَصْدَرِ. وَقِيلَ: عَلَى الْإِغْرَاءِ أَيِ احْذَرُوا سُنَّةَ اللَّهِ، الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ، وَتِلْكَ السُّنَّةُ أَنَّهُمْ إِذَا عَايَنُوا عَذَابَ اللَّهِ آمَنُوا، وَلَا يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ. وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ، بِذَهَابِ الدَّارَيْنِ [2] ، قَالَ الزَّجَّاجُ: الْكَافِرُ خَاسِرٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَبَيَّنُ لَهُمْ خُسْرَانُهُمْ إِذَا رَأَوُا الْعَذَابَ.
مكية وهي أربع وخمسون آية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (?) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (?) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (?) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (?)
وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (?) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (?) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (7)
حم (?) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (?) ، قَالَ الْأَخْفَشُ: تَنْزِيلٌ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ.
كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ بُيِّنَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، اللِّسَانُ الْعَرَبِيُّ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ لِسَانِهِمْ مَا عَلِمُوهُ، وَنُصِبَ [3] قُرْآنًا بِوُقُوعِ الْبَيَانِ عَلَيْهِ أَيْ فَصَّلْنَاهُ قُرْآنًا.
بَشِيراً وَنَذِيراً، نَعْتَانِ لِلْقُرْآنِ أَيْ بَشِيرًا لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَنَذِيرًا لِأَعْدَائِهِ، فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ، أي لَا يَصْغُونَ إِلَيْهِ تَكَبُّرًا.
وَقالُوا، يَعْنِي مُشْرِكِي مَكَّةَ قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ، فِي أَغْطِيَةٍ، مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ، فَلَا نَفْقَهُ مَا تَقُولُ، وَفِي آذانِنا وَقْرٌ، صَمَمٌ فَلَا نَسْمَعُ مَا تَقُولُ، وَالْمَعْنَى: إِنَّا في ترك القبول عنك [4] بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُ وَلَا يَسْمَعُ، وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ، خِلَافٌ فِي الدِّينِ [5] وَحَاجِزٌ فِي النحلة [6] فَلَا نُوَافِقُكَ عَلَى مَا تَقُولُ، فَاعْمَلْ، أَنْتَ عَلَى دِينِكَ، إِنَّنا عامِلُونَ، عَلَى دِينِنَا.
قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، يَعْنِي كَوَاحِدٍ مِنْكُمْ وَلَوْلَا الْوَحْيُ مَا دَعَوْتُكُمْ، وهو قوله: