«لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ منك الجد» .
يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)
يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «غَيْرِ» بِجَرِّ الرَّاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِرَفْعِهَا عَلَى مَعْنَى هَلْ خَالِقٌ غير الله، لأن «من» زائدة، وَهَذَا اسْتِفْهَامٌ عَلَى طَرِيقِ التَّقْرِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ لَا خَالِقَ غَيْرُ اللَّهِ، يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، أَيْ مِنَ السَّمَاءِ الْمَطَرَ وَمِنَ الْأَرْضِ النَّبَاتَ، لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ.
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ، يُعَزِّي نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، يعني وعد الْقِيَامَةِ، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ.
إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا، أَيْ عَادُوهُ بِطَاعَةِ الله ولا تطيعوه، إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ، أَيْ أَشْيَاعَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ، لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ، أَيْ لِيَكُونُوا فِي السَّعِيرِ، ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ مُوَافِقِيهِ وَمُخَالِفِيهِ فَقَالَ:
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) .
[سورة فاطر (35) : الآيات 8 الى 10]
أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (8) وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ (9) مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ (10)
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ وَمُشْرِكِي مَكَّةَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: مِنْهُمْ الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ فَأَمَّا أَهْلُ الْكَبَائِرِ فَلَيْسُوا مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ الْكَبَائِرَ، أَفَمَنْ زُيِّنَ، شبّه وموّه عليه