أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ، لِإِيمَانِهِمْ بِالْكِتَابِ الْأَوَّلِ وَبِالْكِتَابِ الْآخِرِ، بِما صَبَرُوا، عَلَى دِينِهِمْ، قَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَسْلَمُوا فَأُوذُوا.
«1614» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّرَخْسِيُّ أنا أَبُو عَلِيٍّ زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بن حفص [1] الجويني أنا أحمد بن سعيد الدارمي أنا عثمان أنا شُعْبَةُ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أدبها [2] ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِكِتَابِهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد أحسن عبادة الله وتصح سيده [3] » .
قوله عزّ وجلّ: «وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يَدْفَعُونَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الشِّرْكَ، قَالَ مُقَاتِلٌ: يَدْفَعُونَ مَا سَمِعُوا مِنَ الْأَذَى وَالشَّتْمِ مِنَ المشركين بالصفح والعفو والمغفرة، وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ، فِي الطَّاعَةِ.
وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ، الْقَبِيحَ مِنَ الْقَوْلِ، أَعْرَضُوا عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَسُبُّونَ مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ تَبًّا لَكُمْ تَرَكْتُمْ دِينَكُمْ فَيُعْرِضُونَ عَنْهُمْ وَلَا يَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ، وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ، لَنَا دِينُنَا وَلَكُمْ دِينُكُمْ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ، لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ سَلَامُ التَّحِيَّةِ وَلَكِنَّهُ سَلَامُ الْمُتَارَكَةِ، معناه سلمتم منّا لا نعاوضكم بالشتم والقبح مِنَ الْقَوْلِ، لَا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ، أَيْ دِينَ الْجَاهِلِينَ، يَعْنِي لَا نُحِبُّ دِينَكُمُ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا نُرِيدُ أَنْ نَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالسَّفَهِ [4] ، وَهَذَا قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ الْمُسْلِمُونَ بِالْقِتَالِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، أَيْ أَحْبَبْتَ هِدَايَتَهُ. وَقِيلَ: أَحْبَبْتَهُ لِقَرَابَتِهِ، وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ، قال مجاهد ومقاتل: بمن قُدِّرَ لَهُ الْهُدَى، نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدْ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ يَقُولُونَ إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا، مكة.
«1615» نزلت في الحارث بْنِ عُثْمَانَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنا لنعلم أن