فُرُوضِكُمْ مِثْلَ هِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ وَوَقْتِ الْحَجِّ إِذَا الْتَبَسَ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ وَسَّعَ ذَلِكَ [1] عَلَيْكُمْ حَتَّى تَتَيَقَّنُوا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي الرُّخَصَ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ كَقَصْرِ الصَّلَاةِ في السفر والتيمم عند فقد الماء وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالْإِفْطَارِ بالسفر وبالمرض والصلاة قاعدا عند العجز عن القيام. وَهُوَ قَوْلُ الْكَلْبِيِّ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَرَجُ مَا كَانَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ من الإصر [2] الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ وَضَعَهَا اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ، يعني كَلِمَةَ أَبِيكُمْ نُصِبَ بِنَزْعِ حَرْفِ الصِّفَةِ وَقِيلَ: نُصِبَ عَلَى الْإِغْرَاءِ، يعني اتَّبِعُوا مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ، وَإِنَّمَا أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ قِيلَ: ما وَجْهُ قَوْلِهِ: مِلَّةَ أَبِيكُمْ وَلَيْسَ كل المسلمين يرجع نسبه [3] إِلَى إِبْرَاهِيمَ؟ قِيلَ: خَاطَبَ بِهِ الْعَرَبَ وَهُمْ كَانُوا مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ. وَقِيلَ: خَاطَبَ بِهِ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ وَإِبْرَاهِيمُ أَبٌ لَهُمْ عَلَى مَعْنَى وُجُوبِ احْتِرَامِهِ وَحِفْظِ حَقِّهِ كَمَا يَجِبُ احْتِرَامُ الْأَبِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الْأَحْزَابِ: 6] .

«1472» وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الوالد» ، هُوَ سَمَّاكُمُ، يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ، يَعْنِي مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْقُرْآنِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَفِي هَذَا يعني: فِي الْكِتَابِ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ هُوَ يَرْجِعُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ [أَيْ أَنَّ إبراهيم هو] [4] سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيَّامِهِ، مِنْ قَبْلِ هَذَا الْوَقْتِ وَفِي هَذَا الْوَقْتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ [البَقَرَةِ: 218] ، لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ قَدْ بَلَّغَكُمْ، وَتَكُونُوا، أَنْتُمْ، شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ، أَنَّ رُسُلَهُمْ قَدْ بَلَّغَتْهُمْ، فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ، ثِقُوا بِاللَّهِ وَتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ.

قَالَ الْحَسَنُ: تَمَسَّكُوا بِدِينِ اللَّهِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَلُوا رَبَّكُمْ أَنْ يَعْصِمَكُمْ مِنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ ادْعُوهُ لِيُثَبِّتَكُمْ عَلَى دِينِهِ. وَقِيلَ: الِاعْتِصَامُ بِاللَّهِ هُوَ التَّمَسُّكُ بِالْكِتَابِ وَالسَّنَةِ، هُوَ مَوْلاكُمْ، وَلِيُّكُمْ وَنَاصِرُكُمْ وَحَافِظُكُمْ، فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ، النَّاصِرُ لكم.

تفسير سورة المؤمنون

مكية وهي مائة وثماني عشرة آية

[سورة المؤمنون (23) : الآيات 1 الى 2]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (?) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015