«1465» قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ يُؤْذُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يزالون يجيئون [1] مِنْ بَيْنِ مَضْرُوبٍ وَمَشْجُوجٍ، وَيَشْكُونَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فَيَقُولُ لَهُمُ: «اصبروا فإني لم أومر بِالْقِتَالِ» حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ] [2] ، وَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ أَذِنَ اللَّهُ فيها بالقتال ونزلت هذه الآية بالمدينة. وَقَالَ مُقَاتِلٌ [3] : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ خَرَجُوا مُهَاجِرِينَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانُوا يمنعون [من الهجرة إلى رسول الله] [4] فَأَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَمْنَعُونَهُمْ مِنَ الْهِجْرَةِ، بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، يعني: بسبب ما ظلموا واعتدوا عَلَيْهِمْ بِالْإِيذَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ، بدل من الَّذِينَ الْأُولَى إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، يعني: لَمْ يُخْرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ إِلَّا لقولهم ربنا الله وحده، وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، بِالْجِهَادِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ، لَهُدِّمَتْ، قَرَأَ أهل المدينة [5] بِتَخْفِيفِ الدَّالِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّشْدِيدِ على التكثير فالتخفيف يكون للتقليل وَالتَّكْثِيرُ وَالتَّشْدِيدُ يَخْتَصُّ بِالتَّكْثِيرِ، صَوامِعُ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: يَعْنِي صَوَامِعُ الرُّهْبَانِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: صَوَامِعُ الصَّابِئِينَ، وَبِيَعٌ، يعني: بِيَعُ النَّصَارَى جَمْعُ بَيْعَةٍ وَهِيَ كَنِيسَةُ النَّصَارَى، وَصَلَواتٌ، يَعْنِي كَنَائِسَ الْيَهُودِ وَيُسَمُّونَهَا بِالْعِبْرَانِيَّةِ صَلُوتَا، وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً، يَعْنِي مَسَاجِدَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْنَى الْآيَةِ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ الناس بعضهم ببعض [بالمجاهدة وإقامة شرائع كل ملة] [6] لَهُدِمَ فِي شَرِيعَةِ كُلِّ نَبِيٍّ مَكَانُ صَلَاتِهِمْ، لَهُدِمَ فِي زَمَنِ مُوسَى الْكَنَائِسُ، وَفِي زَمَنِ عِيسَى الْبِيَعُ وَالصَّوَامِعُ، وَفِي زَمَنِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَاجِدُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَرَادَ بِالصَّلَوَاتِ صلوات أهل الإسلام فإنها لا تَنْقَطِعُ إِذَا دَخَلَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ. وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ، يعني: يَنْصُرُ دِينَهُ وَنَبِيَّهُ، إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ.
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (44) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَ