تَسْتَطِيعُ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ تَخْشَى إِنْ أَقَمْتَ فِيهَا أَنْ تَضُرَّكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَقُمْ فَاخْرُجْ مِنْهَا، فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ يَمْشِي فِيهَا حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ: يَا إِبْرَاهِيمُ مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتُهُ مَعَكَ فِي مثل صُورَتِكَ قَاعِدًا إِلَى جَنْبِكَ؟ قَالَ: ذَاكَ مَلَكُ الظِّلِّ أَرْسَلَهُ إِلَيَّ رَبِّي لِيُؤْنِسَنِي فِيهَا، فَقَالَ نَمْرُودُ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنِّي مُقَرِّبٌ إِلَى إِلَهِكَ قُرْبَانًا لِمَا رَأَيْتُ مِنْ قُدْرَتِهِ وَعِزَّتِهِ فِيمَا صَنَعَ بِكَ حيث أَبَيْتَ إِلَّا عِبَادَتَهُ وَتَوْحِيدَهُ إِنِّي ذَابِحٌ لَهُ أَرْبَعَةَ آلَافِ بَقَرَةٍ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: إِذًا لَا يقبلها مِنْكَ مَا كُنْتَ عَلَى دِينِكَ حَتَّى تُفَارِقَهُ إِلَى دِينِي، فَقَالَ: لا أستطيع ترك ملتي وملكي ولكن سوف أذبحها، فَذَبَحَهَا لَهُ نَمْرُودُ ثُمَّ كَفَّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَمَنَعَهُ اللَّهُ مِنْهُ.
قَالَ شُعَيْبٌ الْجُبَّائِيُّ: أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عشرة سنة.
قوله: وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) ، قِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ خَسِرُوا السَّعْيَ وَالنَّفَقَةَ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ مُرَادُهُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلّ أرسل على نمرود وقومه الْبَعُوضَ فَأَكَلَتْ لُحُومَهُمْ وَشَرِبَتْ دِمَاءَهُمْ، وَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فِي دِمَاغِهِ فَأَهْلَكَتْهُ.
قوله: وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً، مِنْ نَمْرُودَ وَقَوْمِهِ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ، إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ، يَعْنِي الشَّامَ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا بِالْخِصْبِ وَكَثْرَةِ الْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ، وَمِنْهَا بَعْثُ أَكْثَرِ الْأَنْبِيَاءِ. وَقَالَ أُبَيُّ بن كعب: سماها [الله] [1] مُبَارَكَةً لِأَنَّهُ مَا مِنْ مَاءٍ عَذْبٍ إِلَّا وَيَنْبُعُ أَصْلُهُ مِنْ تَحْتِ الصَّخْرَةِ الَّتِي هِيَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ.
«1428» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ أَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٌ الرَّمَادِيُّ [2] أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أنا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِكَعْبٍ: أَلَا تتحول إلى المدينة فبها مُهَاجَرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبْرُهُ، فَقَالَ كَعْبٌ: إِنِّي وَجَدْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمَنْزِلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الشَّامَ كَنْزُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ، وَبِهَا كَنْزُهُ مِنْ عِبَادِهِ.
«1429» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحمد الظاهري أَنَا جَدِّي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ أَنَا إِسْحَاقُ الدَّبَرِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ النَّاسِ إليّ مهاجر إبراهيم» .