قالَ، إِبْرَاهِيمُ، بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا، غضب من أن يعبد معه الصِّغَارَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا فَكَسَّرَهُنَّ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ إِقَامَةَ الْحُجَّةِ عليهم، فذلك قوله: فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ، حَتَّى يُخْبَرُوا بمن [1] فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ. قَالَ القُتَيْبِيُّ: مَعْنَاهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ فَجَعَلَ النُّطْقَ شَرْطًا لِلْفِعْلِ أَيْ إِنْ قَدَرُوا عَلَى النُّطْقِ قَدَرُوا عَلَى الْفِعْلِ، فَأَرَاهُمْ عَجْزَهُمْ عَنِ النطق، وفي ضميره أَنَا فَعَلْتُ، وَرُوِيَ عَنِ الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ: بَلْ فَعَلَهُ وَيَقُولُ مَعْنَاهُ فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

«1426» لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ، قَوْلُهُ: إِنِّي سَقِيمٌ [الصَّافَاتِ: 89] ، وَقَوْلُهُ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ، وقوله على سارة [2] «هَذِهِ أُخْتِي» .

وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: إِنِّي سَقِيمٌ [الصافات: 89] أي سأسقم، وقيل: سقيم الْقَلْبِ أَيْ مُغْتَمٌ بِضَلَالَتِكُمْ، وَقَوْلُهُ على سارة [3] : هَذِهِ أُخْتِي أَيْ فِي الدِّينِ، وَهَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ لِنَفْيِ الْكَذِبِ عَنْ إبراهيم، والأول هو الأولى لِلْحَدِيثِ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِقَصْدِ الصَّلَاحِ وَتَوْبِيخِهِمْ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ حتى أمر مناديه [أن ينادي] [4] فَقَالَ لِإِخْوَتِهِ: أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ [يُوسُفَ: 7] . وَلَمْ يَكُونُوا سَرَقُوا.

فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ، أَيْ: فَتَفَكَّرُوا بِقُلُوبِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى عُقُولِهِمْ، فَقالُوا، مَا نَرَاهُ إِلَّا كَمَا قَالَ، إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ، يَعْنِي بِعِبَادَتِكُمْ من لا يتكلم [ولم تشعر بمن آذاها] [5] . وقيل: أنتم الظالمون لهذا الرَّجُلَ [فِي] [6] سُؤَالِكُمْ إِيَّاهُ وَهَذِهِ آلهتكم حاضرة فاسألوها.

[سورة الأنبياء (21) : الآيات 65 الى 68]

ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ (65) قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (67) قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (68)

ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ، قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ: أَجْرَى اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِهِمْ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أَدْرَكَتْهُمُ الشَّقَاوَةُ، فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ أَيْ رُدُّوا إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالظُّلْمِ، يُقَالُ نُكِسَ الْمَرِيضُ إِذَا رَجَعَ إلى حالته [7] الأولى، وَقَالُوا: لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ، فَكَيْفَ نَسْأَلُهُمْ؟ فَلَمَّا اتَّجَهَتِ الْحُجَّةُ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قالَ، لَهُمْ، أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015