«1424» قَالَ أَبُو رَافِعٍ: نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَيْفٌ فَبَعَثَنِي إِلَى يَهُودِيٍّ فَقَالَ لِي: «قُلْ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَكَ بِعْنِي كَذَا وَكَذَا مِنَ الدَّقِيقِ وَأَسْلِفْنِي إِلَى هِلَالِ رَجَبٍ» فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ وَاللَّهُ لَا أَبِيعُهُ وَلَا أُسْلِفُهُ إِلَّا بَرْهَنٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «وَاللَّهِ لَئِنْ بَاعَنِي وَأَسْلَفَنِي لَقَضَيْتُهُ وَإِنِّي لِأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ وَأَمِينٌ فِي الْأَرْضِ، اذْهَبْ بِدِرْعِي الْحَدِيدِ إِلَيْهِ» فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ، لَا تَنْظُرْ، إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ، أَعْطَيْنَا، أَزْواجاً، أَصْنَافًا، مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا، أَيْ زِينَتَهَا وَبَهْجَتَهَا، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ زَهَرَةَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَقَرَأَ الْعَامَّةُ بِجَزْمِهَا، لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ، أَيْ لِنَجْعَلَ ذَلِكَ فِتْنَةً لَهُمْ بِأَنْ أُزِيدَ لَهُمُ النِّعْمَةَ فَيَزِيدُوا كُفْرًا وَطُغْيَانًا وَرِزْقُ رَبِّكَ، في المعاد يعني في الْجَنَّةَ، خَيْرٌ وَأَبْقى، قَالَ أُبَيُّ بن كعب: من لم يعتز بعز اللَّهِ تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ، وَمَنْ يتبع بصره فيما في أيدي الناس طال حُزْنُهُ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ فِي مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ وَمَلْبَسِهِ فقد قلّ علمه وَحَضَرَ عَذَابُهُ.
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ، أَيْ قَوْمَكَ. وَقِيلَ: مَنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ. كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ [مَرْيَمَ: 55] ، وَاصْطَبِرْ عَلَيْها، أَيِ اصْبِرْ عَلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّهَا تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ.
لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً، لَا نُكَلِّفُكَ أَنْ تَرْزُقَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِنَا، وَلَا أَنْ تَرْزُقَ نَفْسَكَ وَإِنَّمَا نُكَلِّفُكَ عَمَلًا، نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ، الْخَاتِمَةُ الْجَمِيلَةُ الْمَحْمُودَةُ، لِلتَّقْوى، أَيْ لِأَهْلِ التَّقْوَى. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الَّذِينَ صَدَّقُوكَ وَاتَّبَعُوكَ وَاتَّقَوْنِي.
«1425» وَفِي بَعْضِ الْمَسَانِيدِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ إِذَا أَصَابَ أَهْلَهُ ضُرٌّ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَقالُوا، يعني المشركين، لَوْلا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ، أَيِ الْآيَةُ الْمُقْتَرَحَةُ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ أَتَاهُمْ بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ، أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وحفص عن عاصم: (تأتهم) [بالتاء] لِتَأْنِيثِ الْبَيِّنَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ لتقديم الْفِعْلِ، وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هِيَ الْبَيَانُ فَرُدَّ إِلَى الْمَعْنَى، بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولى، أَيْ بَيَانُ مَا فِيهَا، وَهُوَ الْقُرْآنُ أَقْوَى دَلَالَةٍ وَأَوْضَحُ آيَةٍ: وَقِيلَ: أَوَلَمْ يَأْتِهِمْ بَيَانُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنْبَاءِ الْأُمَمِ أَنَّهُمُ اقْتَرَحُوا الْآيَاتِ، فَلَمَّا أَتَتْهُمْ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهَا، كَيْفَ عَجَّلْنَا لَهُمُ الْعَذَابَ وَالْهَلَاكَ، فَمَا يُؤَمِّنُهُمْ إِنْ أَتَتْهُمُ الْآيَةُ أَنْ يَكُونَ حَالُهُمْ كَحَالِ أُولَئِكَ.