اخْتِلَافَةً وَاحِدَةً، فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وهو أَنْ يُؤْخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ صاحبه ويبغض كل واحد منهما [1] صَاحِبِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما هُمْ، قِيلَ: أَيِ السَّحَرَةُ، وَقِيلَ:
الشَّيَاطِينُ، بِضارِّينَ بِهِ، أَيْ: بِالسِّحْرِ مِنْ أَحَدٍ، أَيْ: أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، أَيْ: بِعِلْمِهِ وَتَكْوِينِهِ، فَالسَّاحِرُ يَسْحَرُ وَاللَّهُ يُكَوِّنُ، قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَعْنَاهُ إِلَّا بِقَضَائِهِ وقدره وَمَشِيئَتِهِ، وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ، يَعْنِي: السِّحْرَ يَضُرُّهُمْ، وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا، يَعْنِي: الْيَهُودَ، لَمَنِ اشْتَراهُ، أَيِ: اخْتَارَ السِّحْرَ، مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، أي: في الجنة، مِنْ خَلاقٍ مِنْ نَصِيبٍ، وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ: بَاعُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، حَظَّ أنفسهم حيث اختاروا السحر وَالْكُفْرَ عَلَى الدِّينِ وَالْحَقِّ، لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ بعد ما أَخْبَرَ أَنَّهُمْ عَلِمُوا؟ قِيلَ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ عَلِمُوا، يَعْنِي: الشَّيَاطِينَ، وَقَوْلُهُ:
لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ، يَعْنِي: الْيَهُودَ، وَقِيلَ: كِلَاهُمَا فِي الْيَهُودِ لَكِنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَعْلَمُوا بِمَا علموا، فكأنهم لم يعلموا.
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (103) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (104)
وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ، وَاتَّقَوْا: الْيَهُودِيَّةَ وَالسِّحْرَ، لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ: لَكَانَ ثَوَابُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ خَيْرًا لَهُمْ، لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا راعِنا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَقُولُونَ: رَاعِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنَ الْمُرَاعَاةِ، أَيْ: أَرْعِنَا سَمْعَكَ، أَيْ: فَرِّغْ سمعك لكل منّا، يقال: أرعى إلى [2] الشيء وأرعاه، أَيْ: أَصْغَى إِلَيْهِ وَاسْتَمَعَهُ، وَكَانَتْ هذه اللفظة سبا قَبِيحًا بِلُغَةِ الْيَهُودِ، وَقِيلَ: كَانَ مَعْنَاهَا عِنْدَهُمُ: اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ، وقيل: هي من الرعونة، كانوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُحَمِّقُوا إِنْسَانًا قالوا [له] : راعنا، يعني [3] : يَا أَحْمَقُ فَلَمَّا سَمِعَ الْيَهُودُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: كُنَّا نَسُبُّ مُحَمَّدًا سِرًّا فَأَعْلِنُوا بِهِ الْآنَ، فَكَانُوا يَأْتُونَهُ وَيَقُولُونَ: رَاعِنَا يَا مُحَمَّدُ وَيَضْحَكُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَسَمِعَهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَفَطِنَ لَهَا وَكَانَ يَعْرِفُ لُغَتَهُمْ، فَقَالَ لِلْيَهُودِ: لَئِنْ سمعتها من أحد منكم يقولها لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأضربنّ عنقه، فقالوا:
أو لستم تَقُولُونَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا تَقُولُوا راعِنا لكيلا يَجِدَ الْيَهُودُ بِذَلِكَ سَبِيلًا إِلَى شَتْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُولُوا انْظُرْنا، أَيِ: انْظُرْ إِلَيْنَا، وَقِيلَ: انْتَظِرْنَا وَتَأَنَّ بِنَا، يُقَالُ نَظَرْتُ فُلَانًا وَانْتَظَرْتُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ [الْحَدِيدِ: 13] ، قَالَ مُجَاهِدٌ: معناها [4] فهمنا، وَاسْمَعُوا: مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ وَأَطِيعُوا، وَلِلْكافِرِينَ، يَعْنِي: الْيَهُودَ، عَذابٌ أَلِيمٌ.
[سورة البقرة (?) : الآيات 105 الى 106]
مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105) مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا إِذَا قَالُوا لِحُلَفَائِهِمْ