عَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ كَيْفَ يَغْفُلُ، عَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالرِّزْقِ كَيْفَ يَتْعَبُ، عَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَنْصَبُ، عَجَبًا لِمَنْ أَيْقَنَ بِزَوَالِ الدُّنْيَا وَتَقَلُّبِهَا بِأَهْلِهَا كَيْفَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. وَفِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مَكْتُوبٌ: أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي لَا شَرِيكَ لِي خَلَقْتُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، فَطُوبَى لِمَنْ خَلَقْتُهُ للخير وأجريته على يديه [وويل لِمَنْ خَلَقْتُهُ لِلشَّرِّ وَأَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْهِ] [1] .

وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وروي ذلك [أيضا] [2] مَرْفُوعًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْكَنْزُ إِذَا أطلق ينصرف إلى الْمَالِ وَيَجُوزُ عِنْدَ التَّقْيِيدِ أَنْ يُقَالَ عِنْدَهُ كَنْزُ عِلْمٍ، وَهَذَا اللَّوْحُ كَانَ جَامِعًا لَهُمَا. وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً، قِيلَ: كَانَ اسْمُهُ كاشح وَكَانَ مِنَ الْأَتْقِيَاءِ. قَالَ ابْنُ عباس حفظا بصلاح أبيهما، وَقِيلَ: كَانَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَبِ الصَّالِحِ سَبْعَةُ آبَاءٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ: إِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُ بِصَلَاحِ الْعَبْدِ وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ، وَعِتْرَتَهُ وَعَشِيرَتَهُ وَأَهْلَ دُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ، فَمَا يَزَالُونَ فِي حِفْظِ اللَّهِ مَا دَامَ فِيهِمْ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنِّي لَأُصَلِّي فَأَذْكُرُ وَلَدِي فَأَزِيدُ فِي صَلَاتِي. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما، أَيْ يَبْلُغَا وَيَعْقِلَا. وَقِيلَ:

أَنْ يُدْرِكَا شِدَّتَهُمَا وَقُوَّتَهُمَا. وَقِيلَ: ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً. وَيَسْتَخْرِجا حِينَئِذٍ كَنزَهُما رَحْمَةً، نِعْمَةً، مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي، أَيْ بِاخْتِيَارِي وَرَأْيِي، بَلْ فَعَلْتُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَإِلْهَامِهِ، ذلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً، أَيْ لَمْ تُطِقْ عَلَيْهِ صَبْرًا، واستطاع واسطاع بمعنى واحد، وروي أَنَّ مُوسَى لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُ قَالَ لَهُ: أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ لِتُحَدِّثَ بِهِ وَاطْلُبْهُ لِتَعْمَلَ بِهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْخَضِرَ حَيٌّ أَمْ مَيِّتٌ؟

قِيلَ: إِنَّ الْخَضِرَ وَإِلْيَاسَ حَيَّانِ يلتقيان [في] [3] كُلَّ سَنَةٍ بِالْمَوْسِمِ.

[4] وَكَانَ سَبَبُ حَيَاتِهِ فِيمَا يُحْكَى أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ دَخَلَ الظُّلُمَاتِ لِطَلَبِ عَيْنِ الْحَيَاةِ. وَكَانَ الْخَضِرُ عَلَى مقدمة [عسكر ذي القرنين] [5] فَوَقَعَ الْخَضِرُ عَلَى الْعَيْنِ فَنَزَلَ واغتسل وَشَرِبَ وَصَلَّى شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَخْطَأَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الطَّرِيقَ فَعَادَ [6] . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ مَيِّتٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [الْأَنْبِيَاءِ: 34] .

«1375» وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعد ما صَلَّى الْعَشَاءَ لَيْلَةً: «أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سنة منها لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015