وَما كانَ مُنْتَصِراً، مُمْتَنِعًا مُنْتَقِمًا [أَيْ] [1] لَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِصَارِ لِنَفْسِهِ. وَقِيلَ: لَا يَقْدِرُ عَلَى ردّ ما ذهب منه [2] .

هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ، يَعْنِي فِي الْقِيَامَةِ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ الْوَلايَةُ بِكَسْرِ الْوَاوِ، يَعْنِي السُّلْطَانَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنَ الموالاة والنصرة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَقَرَةِ:

257] ، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يُرِيدُ أنهم يتولونه [3] يومئذ ويتبرؤون مِمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَ.

وَقِيلَ: بِالْفَتْحِ الرُّبُوبِيَّةُ وَبِالْكَسْرِ الْإِمَارَةُ، الْحَقِّ بِرَفْعِ الْقَافِ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ عَلَى نَعْتِ الْوِلَايَةِ، وَتَصْدِيقُهُ قِرَاءَةُ أُبَيٍّ: «هنالك الولاية الحق الله» ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْجَرِّ عَلَى صِفَةِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:

ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ [الْأَنْعَامِ: 62] هُوَ خَيْرٌ ثَواباً، أَفْضَلُ جَزَاءً لِأَهْلِ طَاعَتِهِ لَوْ كَانَ غَيْرُهُ يُثِيبُ، وَخَيْرٌ عُقْباً، أَيْ عَاقِبَةُ طَاعَتِهِ خَيْرٌ مِنْ عَاقِبَةِ طَاعَةِ غيره، فهو خير إثابة، وعاقبة: طَاعَةٌ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَعَاصِمٌ عُقْباً ساكنة القاف، وقرأ الباقون بضمها.

[سورة الكهف (18) : الآيات 45 الى 48]

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (45) الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46) وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً (47) وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً (48)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاضْرِبْ لَهُمْ، يَا محمد لِقَوْمِكَ: مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ، يَعْنِي الْمَطَرَ، فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ، خَرَجَ مِنْهُ [4] كُلُّ لَوْنٍ وَزَهْرَةٍ، فَأَصْبَحَ، عن قريب، هَشِيماً، يابسا.

قاله [5] ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَ الضَّحَاكُ: كَسِيرًا. وَالْهَشِيمُ: مَا يَبِسَ وَتَفَتَّتَ مِنَ النباتات، تَذْرُوهُ الرِّياحُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تفرقه [6] . وقال أبو عبيدة مثله. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: تَنْسِفُهُ، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً، قَادِرًا.

الْمالُ وَالْبَنُونَ، الَّتِي يَفْتَخِرُ بِهَا عيينة [7] وَأَصْحَابُهُ الْأَغْنِيَاءُ، زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا، لَيْسَتْ مِنْ زَادِ الْآخِرَةِ، قَالَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْمَالُ وَالْبَنُونَ حَرْثُ الدُّنْيَا وَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ حَرْثُ الْآخِرَةِ، وَقَدْ يَجْمَعُهَا اللَّهُ لِأَقْوَامٍ. وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ، اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ:

هِيَ قَوْلُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ.

«1353» وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْضَلُ الْكَلَامِ أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ» .

«1354» أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ الحنفي أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الحسن الحيري أخبرنا أبو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015