«1286» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا كانت ليلة أسري بي أصبحت بِمَكَّةَ فَضِقْتُ بِأَمْرِي وَعَرَفْتُ أَنَّ الناس يكذبوني» ، فَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَعَدَ مُعْتَزِلًا حَزِينًا فَمَرَّ بِهِ أَبُو جَهْلٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِ فَقَالَ له كالمستهزىء: هَلِ اسْتَفَدْتَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِنِّي أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلَةَ» قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟
قَالَ: «إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ» ، قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، قَالَ: «نَعَمْ» ، فَلَمْ يَرَ أَبُو جَهْلٍ أَنَّهُ يُنْكِرُ ذلك مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ، قَالَ: أتحدث قومك بما حدثتني به؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لؤي هلموا، قال: فانقضت إليه المجالس فجاؤوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا، قَالَ: فَحَدِّثْ قومك بما حدثتني، قال: «نعم إنه أُسْرِيَ بِيَ اللَّيْلَةَ» ، قَالُوا إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ: «إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ» ، قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟
قال: نعم، قال: [فكان القوم] [1] فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُتَعَجِّبًا [2] وَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، وَسَعَى رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي صَاحِبِكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: أَوَقَدْ قَالَ ذلك؟ قالوا: نَعَمْ، قَالَ: لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ، قَالُوا:
وَتُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي لَيْلَةٍ وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنِّي لَأُصَدِّقُهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غَدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ، قَالَ: وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ أَتَى الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، فقال: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا المسجد الأقصى؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: «فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ وَأَنْعَتُ فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ، قَالَ: فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عَقِيلٍ فَنَعَتُّ الْمَسْجِدَ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ» ، فقال القوم: أمّا النعت فو الله [لَقَدْ] [3] أَصَابَ، ثُمَّ قَالُوا: يَا محمد أخبرنا عن عيرنا فهي أَهَمُّ إِلَيْنَا فَهَلْ لَقِيتَ مِنْهَا شَيْئًا؟ قَالَ: «نَعَمْ مَرَرْتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ، وَهِيَ بِالرَّوْحَاءِ وَقَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ وَهُمْ فِي طَلَبِهِ وَفِي رِحَالِهِمْ قَدَحٌ مِنْ مَاءٍ فَعَطِشْتُ فَأَخَذْتُهُ فَشَرِبْتُهُ ثم وضعته كما كان فاسألوهم [4] هَلْ وَجَدُوا الْمَاءَ فِي الْقَدَحِ حِينَ رَجَعُوا إِلَيْهِ» ، قَالُوا: هَذِهِ آيَةٌ، قَالَ: «وَمَرَرْتُ بَعِيرِ بَنِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ رَاكِبَانِ قَعُودًا لَهُمَا بِذِي طَوَى فَنَفَرَ بَعِيرُهُمَا مِنِّي فَرَمَى بِفُلَانٍ فَانْكَسَرَتْ يَدُهُ فسلوهما عن ذلك» ، فقالوا: وَهَذِهِ آيَةٌ، قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا عَنْ عيرنا نحن متى تجيء؟ قَالَ: «مَرَرْتُ بِهَا بِالتَّنْعِيمِ» ، قَالُوا: فَمَا عِدَّتُهَا وَأَحْمَالُهَا وَهَيْئَتُهَا وَمَنْ