وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، [وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال: السَّبْعِ الْمَثَانِي هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ والقرآن العظيم] [1] سَائِرُ الْقُرْآنِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الفاتحة لم سميت مثاني، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحُسْنُ وَقَتَادَةُ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي الصَّلَاةِ فَتُقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وَقِيلَ: لِأَنَّهَا مَقْسُومَةٌ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ نِصْفَيْنِ نِصْفُهَا ثَنَاءٌ وَنِصْفُهَا دُعَاءٌ.
«1244» كما روينا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يقول الله: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ» .
وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَكَّةَ وَمَرَّةً بِالْمَدِينَةِ كُلَّ مَرَّةٍ مَعَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلِكٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَثْنَاهَا وَادَّخَرَهَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فَمَا أَعْطَاهَا غَيْرَهُمْ.
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ [2] الْبَلْخِيُّ: سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُثْنِي أَهْلَ الشَّرِّ عَنِ الْفِسْقِ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ ثَنَيْتُ عَنَانِيَ.
وَقِيلَ: لِأَنَّ أَوَّلَهَا ثَنَاءٌ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ السَّبْعَ الْمَثَانِيَ هِيَ السَّبْعُ الطِّوَالُ أَوَّلُهَا سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآخِرُهَا الْأَنْفَالُ مَعَ التَّوْبَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُورَةَ يُونُسَ بَدَلَ الْأَنْفَالِ.
«1245» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إسحاق الثعلبي ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ المخلدي أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدُونَ بْنِ خَالِدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَا: أنبأنا هلال بن العلاء ثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ [3] عَنْ يَحْيَى بْنِ [أبي] [4] كَثِيرٍ عَنْ شَدَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحْبِيِّ عن ثوبان أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَانِي السَّبْعَ الطِّوَالَ [مَكَانَ التَّوْرَاةِ، وَأَعْطَانِي الْمِئِينَ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ وَأَعْطَانِي مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَثَانِيَ] [5] ، وَفَضَّلَنِي رَبِّي بِالْمُفَصَّلِ» .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُوتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّبْعَ الطِّوَالَ، وَأُعْطِيَ مُوسَى سِتًّا فَلَمَّا أَلْقَى الْأَلْوَاحَ رُفِعَ ثِنْتَانِ وَبَقِيَ أَرْبَعٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ السَّبْعُ الطِّوَالُ مَثَانِيَ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ وَالْحُدُودَ وَالْأَمْثَالَ والخير والشر والعبر والخبر ثُنِّيَتْ فِيهَا. وَقَالَ طَاوُسٌ: الْقُرْآنُ كُلُّهُ مَثَانِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ [الزُّمَرِ: 23] . وَسُمِّيَ الْقُرْآنُ مَثَانِيَ لِأَنَّ الْأَنْبَاءَ وَالْقَصَصَ ثُنِّيَتْ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُرَادُ بِالسَّبْعِ سَبْعَةُ أَسْبَاعِ الْقُرْآنِ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ عَلَى هَذَا وَهِيَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ.
وَقِيلَ: الْوَاوُ مُقْحَمَةٌ مَجَازُهُ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي والقرآن العظيم.
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ، يَا مُحَمَّدُ، إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً، أَصْنَافًا، مِنْهُمْ أَيْ: مِنَ الْكُفَّارِ مُتَمَنِّيًا لَهَا، نَهَى اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا وَمُزَاحَمَةِ أَهْلِهَا عَلَيْهَا، وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ، أَيْ: لَا تَغْتَمَّ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنْ مُشَارَكَتِهِمْ في الدنيا.