فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) .
قالَ، لُوطٌ لَهُمْ، إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أَيْ: أَنَا لَا أَعْرِفُكُمْ.
قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63) ، أَيْ: يَشُكُّونَ فِي [1] أَنَّهُ نَازِلٌ بِهِمْ وَهُوَ الْعَذَابُ لأنه كان يوعدهم بالعذاب فلا يُصَدِّقُونَهُ.
وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ، بِالْيَقِينِ. وَقِيلَ: بِالْعَذَابِ، وَإِنَّا لَصادِقُونَ.
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ أَيْ [سِرْ] [2] خَلْفَهُمْ، وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ، حَتَّى لَا يَرْتَاعُوا مِنَ الْعَذَابِ إِذَا نَزَلَ بِقَوْمِهِمْ. وَقِيلَ: جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَامَةً لِمَنْ يَنْجُو مِنْ آلِ لُوطٍ، وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الشَّامَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي زُغَرَ. وَقِيلَ: الْأُرْدُنُ.
وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ، أي وفرغنا [3] إلى آل لوط ذَلِكَ الْأَمْرِ، أَيْ: أَحْكَمْنَا الْأَمْرَ الَّذِي أُمِرْنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ، وَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ «وَقُلْنَا لَهُ إِنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ» يَعْنِي أصلهم، مَقْطُوعٌ، مستأصل، مُصْبِحِينَ، فإذا دَخَلُوا فِي الصُّبْحِ. وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، يعني [مدينة] [4] سَدُومَ، يَسْتَبْشِرُونَ، بِأَضْيَافِ لُوطٍ أَيْ: يُبَشِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا طَمَعًا فِي رُكُوبِ الْفَاحِشَةِ مِنْهُمْ.
قالَ، لُوطٌ لِقَوْمِهِ، إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي، وَحَقٌّ عَلَى الرَّجُلِ إِكْرَامُ ضَيْفِهِ، فَلا تَفْضَحُونِ، فِيهِمْ.
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (69) ، وَلَا تُخْجِلُونِ.
قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ (70) ، أَيْ: أَلَمْ نَنْهَكَ عَنْ أَنْ تُضِيفَ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ. وَقِيلَ: أَلَمْ نَنْهَكَ أَنْ تُدْخِلَ الْغُرَبَاءَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّا نركب منهم الفاحشة.
قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (71) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (75)
وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (76) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (77) وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ (78) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ (79) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80)
قالَ هؤُلاءِ بَناتِي أُزَوِّجُهُنَّ إِيَّاكُمْ إن أسلمتم فأتوا الحلال وذروا [5] الْحَرَامَ، إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ، مَا آمُرُكُمْ بِهِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْبَنَاتِ نِسَاءَ قَوْمِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ كَالْوَالِدِ لِأُمَّتِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَعَمْرُكَ، يَا مُحَمَّدُ أَيْ وَحَيَاتِكَ، إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ، حيرتهم وضلالتهم،