كما ينتقص من الانتهاء ينتقص من الابتداء وهو المنقول عن كثير من السلف أو هو كقولك: والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك مع أن عزيمتك على ضربه فعلى هذا الاستثناء في الموضعين لبيان أنه لو أراد عدم خلودهم لقدر لا أنه واجب عليه ويؤيده قوله: (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) أو هو من باب (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) [الأعراف: 45]، و (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى) [الدخان: 56] على إحدى التأويلات أو المستثنى توقفهم في الموقف أو مدة لبثهم في الدنيا والبرزخ أو الاستثناء لخروج الكل من النار إلى الزمهرير ومن الجنة إلى المراتب والمنازل الأرفع، (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) حاكم غير محكوم (?).
(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) قيل المراد منهما سماوات الآخرة وأرضها وهما مؤبدان، (إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) والأحسن عندى في الاستثنائين قول قتادة والله أعلم بثنياه اعترف رضى الله عنه بالعجز عن الفهم وأحال العلم على الله تعالى، (عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) غير مقطوع ونصبه على الحال أو المصدر المؤكد صرح في الجنة بأنها غير مقطوع لئلا يتوهم متوهم بعد ذكر المشيئة أن ثمة انقطاعًا ولم يذكر في شق النار، (فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) شكٍّ، (مِمَّا يَعْبُدُ