" وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ قبضة من تراب، بتعليم جبريل عليه السلام فرمى بها وجوه الأعداء، قائلاً: شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلا وامتلأت عينه منها "، فاشتغلوا بأعينهم فردفهم المؤمنون بالقتل والأسر، وهذه الرمية ليست من جنس أفعال البشر وقوتهم (وَلِيُبْلِيَ) تقديره: ولكن الله رمى لفوائد كثيرة وليبلي (الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ): من الله (بَلاءً حَسَنًا) أي: ولينعم عليهم نعمة حسنة عظيمة بالنصر، ومشاهدة الآيات فيشكروا (إِنَّ الله سَمِيعٌ): بدعائهم (عَلِيمٌ) بضمائرهم (ذلِكُمْ): إشارة إلى البلاء الحسن، وتقديره: الأمر والحكمة ذلكم (وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ) أي: الحكمة إبلاء المؤمنين، وإبطال حيل الكافرين (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ) المشركون حين خرجوا تعلقوا بأستار الكعبة، وقالوا: اللهم انصر أعلى الجندين وأكرم الحزبين وأهدى الفئتين، أو قال أبو جهل يوم بدر: اللهم أهلك أيتنا أقطع للرحم، فيقول تعالى: إن طلبتم الفتح للأكرمين أو لواصل الرحم، فقد استجاب الله تعالى، فالخطاب على سبيل التهكم (وَإنْ تَنْتَهُوا) عن الشرك (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا): إلى الكفر والمحاربة (نَعُد) لكم بمثل وقعة بدر (وَلَنْ تُغنِيَ): ترفع (عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ): جماعتكم (شَيْئًا) من الإغناء أو المضار (وَلَوْ كَثُرَتْ) فئتكم (وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ): بالنصر، فلا يغلبون، ومن قرأ " أن " بفتح الهمزة تقديره: لأن الله مع المؤمنين وقعت تلك الواقعة.
* * *