الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)
* * *
(قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا): وليس هذا بأمر منكر عجيب بدع، وهذا يؤيد الوجه الثاني في قوله: كادوا يكونون عليه لبدا، (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا) أي: لا ضرًّا ولا نفعًا، ولا رشدًا، أو غيًّا، بل الكل بيد الله إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ، (قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ): إن أرادني بسوء، (وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا): ملجأً أميل إليه، (إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللهِ وَرِسَالَاتِهِ) أي: لا أملك نفعًا إلا أن أبلغ عن الله، وأبلغ رسالته التي أرسلني بها، و " من الله " صفة لـ بلاغًا لا صلة له، وقوله: " قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي " معترضة تؤكد نفي الاستطاعة، أو الاستثناء منقطع أي: لكن الإبلاغ هو الذي يُجِيرَنِي من عذاب الله، (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ): ولم يؤمن، (فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا حَتَّى إِذَا رَأَوْا)، غاية لمحذوف دل عليه الحال أي: لا يزالون على ما هم عليه حتى وقيل: لقوله يكونون عليه لبدًا على التوجيه الثاني، (مَا يُوعَدُونَ) من العذاب، (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا): هو، أو هم، (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا)، غاية كأنهم قالوا متى يكون وقت ما تعدنا فقيل له، قل لا أدري أهو حال أم مؤجل، (عَالِمُ الغَيْبِ) أي: هو عالمه، (فَلاَ يُظْهِرُ):