أو فزاد الجن تكبرًا وطغيانًا بسبب استعاذة الإنس بهم، (وَأَنَّهُمْ): أي: الإنس، (ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ): أيها الجن، (أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَدًا): بعد ذلك بالرسالة أو لا بعث، ولا حشر، وهذا قول نفر من الجن لقومهم حين رجعوا إليهم، (وَأَنَّا لَمَسْنَا): طلبنا، واللمس والمس استعير للطلب، لأن الماس طالب متعرف، (السَّمَاءَ) أي: بلوغها لاستراق السمع، (فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا)، اسم بمعنى الحراس كالخدم، (شَدِيدًا): من الملائكة، (وَشُهُبًا): من النجوم، (وَأَنَّا كُنَّا): قبل ذلك، (نَقْعُدُ مِنْهَا): من السماء، (مَقَاعِدَ): صالحة للترصد، (لِلسَّمْعِ): لاستماع أخبار السماء، (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا): راصدًا لأجله يمنعه من الاستماع، (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ): بحراسة السماء، (أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا): خيرًا، وهذا من أدبهم، حيث أسندوا الشر إلى غير فاعل، ثم اعلم أن الكواكب يرمي بها قبل المبعث، لكن ليس بكثير، والأحاديث تدل عليه، وبعد مبعثه قد كثرت الشهب بحيث لم يقدر الجن بعد على استراق السمع من غير أن يأتيه شهاب، فهالَ ذلك الإنس والجن، نعم: قد يسترق كلمة فيلقيها إلى صاحبه، ثم يدركه الشهاب كما ورد في الصحيحين، وهذا هو الذي حملهم على تطلب السبب في ذلك، فأخذوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها حتى وجدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الصلاة فعرفوا أن هذا هو السبب في حراسة السماء، فآمن من آمن منهم، وتمرد من تمرد، (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا): قوم، (دُونَ ذَلِكَ)، وهم الطالحون، أو المقتصدون، (كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا) أي: كنا ذوي مذاهب متفرقة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015