بقوله (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ) أو لم نجعل مكانهم (حَرَمًا آمِنًا) مع كفرهم، فكيف نعرضهم للتخوف والتخطف إذا كانوا موحدين! يعني: هم كاذبون في عذرهم (يُجْبَى) يجمع ويحمل (إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ) أي: ثمرات كثيرة (رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا) مصدر من معنى يُجْبَى؛ لأنه في معنى يرزق أو مفعول له أو حال بمعنى مرزوقًا من ثمرات وجاز لتخصصها بالإضافة (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) جهلة، ولذلك قالوا ما قالوا ثم بين أنَّهم أحقاء بأن يخافوا بأس الله لا العرب، فقال: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ) أي: من أهلها (بَطِرَتْ) طغت وأشرت تلك القرية (مَعِيشَتَهَا) أي: في معيشتها منصوب بنزع الخافض أو مفعول بطرت بتضمين كفرت يقال: بطر فلان نعمة الله أي: استخفها وكفرها (فَتِلْكَ مَسَاكِنهمْ) خاوية (لَمْ تُسْكَنْ) من السكنى (مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا) أي: إلا سكنى قليلاً إذ لا يسكنها إلا المسافر حين العبور (وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ) إذ لم يبق أحد منهم يرثهم (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى) أي: ما جرت عادة الله على إهلاكها (حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا) أصلها وأعظمها فإنما الأشراف فيها (رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا) فإن أنكروا نزل عليهم العذاب (وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ) بتكذيب الرسول وارتكاب المعاصي وعن بعض المفسرين معناه ما كان في حكمنا وقضائنا أن نهلك القرى ونخرب الدنيا حتى نبعث في أم القرى "