يحكم أمر العدو دونه، بأن يسلموا، أو يعطوا الجزية - إن كانوا أهل كتاب -.

وأحِبُّ له: إن لم يرد تناول عدو وراءهم، ولم يُطِل على المسلمين عدو، أن يبدأ بأقربهم من المسلمين؛ لأنهم أولى باسم الذين يلون المسلمين، وإن كان كل يلي طائفة من المسلمين فلا أحبُّ أن يبدأ بقتال طائفة ئلي قوماً من المسلمين دون آخرين، وإن كانت أقرب منهم من الأخرى إلى قوم غيرهم، فإن اختلف حال العدو، فكان بعضهم أنكى من بعض أو أخوف من بعض، فليبدأ الإمام بالعدو الأخوف، أو الأنكى، ولا بأس أن يفعل - ذلك -، وإن كانت داره أبعد - إن شاء اللَّه تعالى - حتى ما يخاف ممن بدأ به، مما لا يخاف من غيره مثله، وتكون هذه بمنزلة ضرورة؛ لأنه يجوز في الضرورة ما لا يجوز في غيرها، وقد بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحارث بن أبي ضرار أنه يجمع له، فأغار النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه وقربه عدو

أقرب منه، وبلغه أن خالد بن أبي سفيان بن نُبيح يجمع له، فأرسل ابن أنيس

فقتله، وقربه عدو أقرب.

قال الشَّافِعِي رحمه الله: وهذه منزلة لا يتباين فيها حال العدو كما

وصفت، والواجب أن يكون أول ما يُبْدَأ به سد أطراف المسلمين بالرجال، وإن قدر على الحصون والخنادق وكل أمر، دفع العدو قبل انتياب العدو في

ديارهم؛ حتى لا يبقى للمسلمين طرف إلا وفيه من يقوم بحرب من يليه من

المشركين، وإن قدر على أن يكون فيه أكثر فَعَل، ويكون القائم بولايتهم أهل الأمانة والعقل والنصيحة للمسلمين، والعلم بالحرب والنجدة، والأناة والرفق، والإقدام في موضعه، وقلة البطش والعجلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015