قال الشَّافِعِي رحمه الله: في قوله - عز وجل -: (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ) الآية، إنما معناه: أن يُقِر بالحق، ليس معناه: أن يُمِل، وقوله: (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) الآية، هاهنا
ثبتت الولاية، ثم نسخ هذا كلّه، وأخِبرَ: أنه اختيار وليس بفرض، بقوله: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا) الآية.
فائدتان:
الأولى: ومن طريف ما يحكى عن أمّ الشَّافِعِي رحمهما اللَّه من الحذق.
أنها شهدت عند قاضي مكة هي وأخرى، مع رجل، فأراد القاضي أن يفرق
بين المرأتين، فقالت له أم الشَّافِعِي رحمهما اللَّه: ليس لك ذلك، لأن اللَّه - عز وجل - يقول: (ان تَضِل إِخدَنهُمَا فَتُذَئحِرَ إِخدَنهُمَا اكاخرَى) الآية. فرجع القاضي إليها في ذلك - وقد علق ابن حجر على ذلك بقوله: هذا فرع غريب واستنباط قوي.
الثانية: وقال الأزهري رحمه اللَّه: وقوله - عز وجل -: (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ) الآية، فيه قولان:
1 - قال بعضهم: (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ) الآية، لا يُضارر، أي: لا يكتب إلا الحق، ولا يشهد الشاهد إلا بالحق.