جعل الله تعالى لها حكماً يرى في الخير والشر، ورأيت قليل مال الآدميين وكثيره سواء، يقضي بأدائه على من أخذه غصباً، أو تعدياً، أو استهلكه
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ووجدت ربع دينار قليلاً، وقد يُقطع فيه.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ووجدت مائتي درهم قليلاً وفيها زكاة، وذلك قد
يكون قليلاً، فكل ما وقع عليه اسم قليل، وقع عليه اسم كثير.
الأم (أيضاً) : الإقرار والمواهب:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وهكذا إذا قال: له على مال.
قيل له: أقِر بما شئت؛ لأن كل شيء يقع عليه اسم مال: وهكذا إذا قال: له على مال كثير، أو مال عظيم.
فإن قال قائل ما الحجة في ذلك؟
قيل قد ذكر الله - عز وجل - العمل، فقال: ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) .
فإذا كوفئ على مثقال ذرة في الخير والشر كانت عظيماً، ولا شيء من المال أقل من مثقال ذرة.
فأما من ذهب إلى أنه يقضي عليه بما تجب فيه الزكاة، فلا أعلمه ذهب إليه
خبراً، ولا قياساً، ولا معقولاً، ورأيت مسكيناً يرى الدرهم عظيماً، فقال لرجل: عليَّ مال عظيم، ومعروف منه أنه يرى الدرهم عظيماً، أجبره على أن يعطيه مائتي درهم! ، أو رأيت خليفة أو نظيراً للخليفة يرى ألفَ ألف قليلاً، أقر لرجل فقال له: عليَّ مال عظيم كم ينبغي أن أعطيه من هذا؟
فإن قلت مائتي درهم، فالعامة تعرف أن قول (هذا عظيم) مما يقع في القلب كثر من ألف ألف درهم.
فتعطي منه التافه، فتظلم في معنى قولك المقر له، إذا لم يك عندك فيه محمل إلا كلام الناس، وتظلم المسكين المقر - له - الذي يرى الدرهم عظيماً.