ثم قال: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) الآية، يقول: لم نجعلكم
كذلك لتتفاخروا بآبائكم الذين مضوا في الشعوب والقبائل، وإنَّما جعلناكم
كذلك لتعارفوا.
أي: ليعرف بعضكم بعضاً، وقرابته منكم وتوارثكم بتلك
القرابة، ولما لكم في معرفة القبائل من المصالح في معاقلكم.
ثم قال: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الآية.
أي: إن أرفعكم منزلة عند اللَّه أتقاكم، وفي هذه الآية نهي عن التفاخر بالنسب، وحضٌّ على معرفته ليستعان به على حيازة المواريث، ومعرفة العواقل في الديات - واللَّه أعلم -.
* * *
الأم: تكلف الحجة على قائل القول الأول، وعلى من قال: أقبل إظهار التوبة إذا كان رجع إلى دين يظهره. . .:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وأخبر اللَّه - عز وجل - عن قوم من الأعراب: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)
فأعلم أنه لم يدخل الإيمان في قلوبهم وأنهم أظهروه، وحقن به دماءهم.
قال مجاهد رحمه اللَّه: في قوله: (أَسْلَمْنَا قال: أسلمنا مخافة القتل والسِّباء.