الموقف الخاص على ما سمعت لأنه إنما يكون لها بعد. وقيل النفس بمعنى الروح، والمراد بالرب الصاحب وفسر بالجسد وباقي الآية على حالة أي ارجعي إلى جسدك كما كنت في الدنيا فادخلي بعد الرجوع إليه في جملة عبادي وادخلي دار ثوابي، وقيل المراد بالنفس والرب ما ذكر وقوله تعالى فِي عِبادِي على حذف مضاف أي فادخلي في أجساد عبادي وجاء هذا في رواية عن ابن عباس وابن جبير، ولا يضر الإفراد أولا والجمع ثانيا لأن المعنى على الجنس. وقال ابن زيد وجماعة إن ذلك القول عند الموت وأيّد بما

أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن جبير قال: قرئت عند النبي صلّى الله عليه وسلم يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ الآية فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: إن هذا لحسن فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أما إن الملك سيقولها لك عند الموت» وجاء نحو هذا من رواية الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق ثابت بن عجلان عن سليم بن عامر عن الصديق رضي الله تعالى عنه

. والنفس عليه بمعنى الروح والمعنى على ما قيل ارجعي بالموت إلى عالم قدس ربك راضية بما تؤتين من النعيم أو راضية عن ربك مرضية عنده تعالى، فادخلي في زمرة عبادي المقربين سكنة حظائر القدس، وادخلي جنتي التي أعددتها لذوي النفوس المطمئنة، وهذان الدخولان يعقبان الرجوع إلّا أن الدخول الأول يعقبه بلا تراخ قبل يوم القيامة، والثاني يعقبه بتراخ لأنه يوم القيامة إن أريد الدخول الجنة دخولها على وجه الخلود إلا أن الأمر لتحققه يجوز تعقيبه بالفاء، وجوز أن يكون تعقيب الأمرين على هذا النمط إن أريد بالدخول في عبادة تعالى انتظامها في سلك العباد الصالحين المخلصين من جنسها، ويجوز على إرادة هذا التعقيب أن يراد فادخلي في أجساد عبادي. وجوز أن يكون تعقيب الأمرين بلا تراخ إن أريد بالدخول في العباد الدخول في زمرة المقربين من سكنة حظائر القدس وبالدخول في الجنة الدخول لا على وجه الخلود بل لنوع من التنعم إلى أن تقوم الساعة،

ففي الحديث أن أرواح المؤمنين في حواصل طيور في الجنة

،

وفي بعض الآثار إذا مات المؤمن أعطي نصف الجنة

أي نصف جنته التي وعد دخولها يوم القيامة وذكر في وجه إدخالها مع الأرواح القدسية كالمرايا المصقولة فإذا انضم بعضها إلى بعض تعاكست أشعة أنوار المعارف فيظهر لكل منها ما يكملها فيكون سببا أنها لتكامل السعادات وتعاظم الدرجات وهو عندي كلام خطابي، وعن بعض السلف ما يؤيد بعض هذه الأوجه.

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح أنه قال في الآية ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ هذا عنوان الموت، ورجوعها إلى ربها خروجها من الدنيا فإذا كان يوم القيامة قيل لها ادخلي في عبادي وادخلي جنتي وقيل: إن هذا القول بعد الموت وقبل القيامة، والمراد برجوعها إلى ربها رجوعها إلى جسدها لسؤال الملكين. أخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي أنه قال في الآية إن المؤمن إذا مات أري منزله من الجنة فيقول تبارك وتعالى: يا أيتها النفس المطمئنة عندي ارجعي إلى جسدك الذي خرجت منه راضية بما رأيت من ثوابي مرضيا عنك حتى يسألك منكر ونكير، وقيل إنه في مواطن ثلاثة. أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه قال في الآية: بشرت بالجنة عند الموت وعند البعث ويوم الجمع وتفسر عليه بما ينطبق على الجميع. وقيل: يجوز أن يكون ذلك في سائر أوقات النفس في حياتها الدنيا والمراد بالأمر بالرجوع إلى الرب الأمر بالرجوع إليه تعالى في كل أمر من الأمور، والمراد بالأمر بالدخول في العباد الأمر بالدخول في زمرة العباد الخلص الذي ليس للشيطان عليهم سلطان بالإكثار من العمل الصالح، وبالأمر بالدخول في الجنة الأمر بالدخول فيها بالقوة القريبة فكأنه سبحانه بعد أن بالغ جل وعلا في سوء حال الامارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015