يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بدل من يَوْمَ تَرَى، وجوز أن يكون معمولا لا ذكر.

وقال ابن عطية: يظهر لي أن العامل فيه ذلك هو الفوز العظيم، ويكون معنى الفوز عليه أعظم كأنه قيل: إن المؤمنين يفوزون يوم يعتري المنافقين والمنافقات كذا وكذا لأن ظهور المرء يوم خمول عدوه مضاده أبدع وأفخم.

وتعقبه في البحر بأن ظاهر تقريره أن يوم منصوب بالفوز وهو لا يجوز لأنه مصدر قد وصف قبل أخذ متعلقاته فلا يجوز إعماله ولو أعمل وصفه وهو العظيم لجاز- أي الفوز الذي عظم- أي قدره يوم انتهى، وفي عدم جواز إعمال مثل هذا المصدر في مثل هذا المعمول خلاف، ثم إن تعلق هذا الظرف بشيء من تلك الجملة خلاف الظاهر لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا أي انتظرونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ نصب منه وذلك أن يلحقوا بهم فيستنيروا به.

وقيل: فيأخذوا شيئا منه يكون معهم تخيلوا تأتّي ذلك فقالوه، وأصل الاقتباس طلب القبس أي الجذوة من النار، وجوز أن يكون المعنى انظروا إلينا نقتبس إلخ لأنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم والنور بين أيديهم فيستضيئون به فانظرونا على الحذف والإيصال لأن النظر بمعنى مجرد الرؤية يتعدى بإلى فإن أريد التأمل تعدى بفي لكن حمل الآية على ذلك خلاف الظاهر وقولهم: للمؤمنين ذلك لأنهم في ظلمة لا يذرون كيف يمشون فيها، وروي أنه يكون ذلك على الصراط.

وفي الآثار دلالة على أنهم يكون لهم نور فيطفأ فيقولون ذلك، أخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا منه على عباده وأما عند الصراط قال الله يعطي كل مؤمن نورا وكل منافق نورا فإذا استووا على الصراط أطفأ الله نور المنافقين والمنافقات فقال المنافقون: انظرونا نقتبس من نوركم، وقال المؤمنون: أتمم لنا نورنا فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا» .

وفي حديث آخر مرفوع عنه أيضا إن نور المنافق يطفأ قبل أن يأتي الصراط

،

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي فاختة يجمع الله تعالى الخلائق يوم القيامة ويرسل الله سبحانه على الناس ظلمة فيستغيثون ربهم فيؤتي الله تعالى كل مؤمن منهم نورا ويؤتي المنافقين نورا فينطلقون جميعا متوجهين إلى الجنة معهم نورهم فبينما هم كذلك إذ أطفأ الله نور المنافقين فيترددون في الظلمة ويسبقهم المؤمنون بنورهم بين أيديهم فيقولون انظرونا نقتبس من نوركم الخبر

، والاخبار في إيتاء المنافق نورا ثم إطفائه كثيرة وليس في الآية ما يأباه.

وقرأ زيد بن علي وابن وثاب والأعمش وطلحة وحمزة «أنظرونا» بقطع الهمزة وفتحها وكسر الظاء من النظرة وهي الامهال يقال أنظر المديون أي أمهله، وضع انْظُرُونا بمعنى المهلة وإنظار الدائن المديون موضع اتئاد الرفيق ومشيه الهوينا ليلحقه رفيقه على سبيل الاستعارة بعد سبق تشبيه الحالة بالحالة مبالغة في العجز وإظهار الافتقار، وقيل: هو من أنظر أي أخر، والمراد اجعلونا في آخركم ولا تسبقونا بحيث تفوتونا ولا نلحق بكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015