تفسير قوله تعالى: (قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون أن كنا أول المؤمنين)

عندما أقسم فرعون أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويصلبهم أجمعين، نرى دخول هؤلاء في الإيمان الذي لم يتعد الساعة أو الساعات القليلة، ولكن الإيمان قد استقر في القلوب، حتى إنهم ليردون على فرعون بهذا الكلام العظيم: (لا ضَيْرَ) أي: لا يضرنا، ونتخيل هنا أن هذه الكلمة تصدر من إنسان مؤمن منذ زمن بعيد قام لله وصام لله وصلى لله واستقر الإيمان في قلبه، فيقول: ليس مهماً أن أؤذى في الله سبحانه، وقد يكون الإنسان له في الإسلام فترة طويلة وبمجرد أن يؤذى يفتن، ولكن هؤلاء يتهددهم فرعون فيقولون: (لا ضير) أي: لا يهمنا هذا الشيء، لا ضرر علينا في ذلك طالما آمنا بالله سبحانه، مع أنهم لم يؤمنوا إلا قريباً.

قال الله تعالى: (إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ) يعني: أن النهاية أننا راجعون إلى الله سبحانه وتعالى، فمتى تعلموا هذه العقيدة؟ لقد ألقى الله سبحانه في قلوبهم ذلك، فعرفوا الحق من موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام.

قال تعالى: ((إِنَّا نَطْمَعُ))، في أول النهار كان يطمعون في جزاء فرعون ويقولون: (أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا)، وفي آخر النهار يطمعون في ربهم سبحانه وتعالى وفي فضله الكريم.

قال تعالى: (أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) أي: سابقنا وسبقنا إلى الدخول في هذا الدين قبلك وقبل غيرك، فطمعنا الآن في أن يغفر لنا ربنا خطايانا ولست أنت يا فرعون، ففرعون قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:24]، ولكنهم الآن عرفوا من ربهم سبحانه وتعالى، فطمعوا في فضله سبحانه.

قوله: (أَنْ) يعني: لأننا.

وقوله: (كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) أي: أول المؤمنين بربنا سبحانه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015