وهل هذه القصة هي الوحيدة؟ لا، فقد جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه حصل مثل هذا، قضية يحكم فيها داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام بحكم مما اجتهد فيه، ويحكم سليمان بحكمه الصائب في ذلك.
من ذلك ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت، وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك أنت).
كل واحدة منهما لا تعرف هل أخذ الذئب ولدها أم ولد صاحبتها لكن الخوف من الزوج حمل كل واحدة على أخذ الذي نجا من الذئب لتعود به إلى زوجها، فتحاكمتا إلى داود على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فقضى به للكبرى.
ولا يجوز أن تسيء الظن بداود على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وتظن أنه قضى به للكبرى لأجل كبرها، بل إنه اجتهد واستفرغ وسعه في الاجتهاد في القضية حتى وصل في النهاية إلى أن هذا الولد ابن للكبرى.
المرأة الكبرى أخذت الولد وانطلقت به فمرت على سليمان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فخرجتا على سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما، قالت الصغرى: يرحمك الله هو ابنها، فقضى به للصغرى).
إذاً: الله سبحانه آتى سليمان فهماً لم يؤته لداود في مسائل الحكم.