الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: قال الله عز وجل في سورة الشعراء: بسم الله الرحمن الرحيم: {طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ * وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء:1 - 9].
هذه هي السورة السادسة والعشرون من كتاب الله سبحانه وتعالى، وهي سورة الشعراء، وهي سورة من السور المكية، وفيها خصائص السور المكية، وآياتها مائتان وست وعشرون آية حسب العد المدني الأخير والمكي والبصري، وعند الباقين الكوفيين والشاميين والمدني الأول: مائتان وسبع وعشرين آية.
وهذه السورة آياتها قصيرة، وفيها حكم عظيمة جداً، وفيها ذكر الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كعادة السور المكية، فيذكر الله عز وجل فيها الأنبياء؛ لينبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنهم قد ابتلوا من قبله، وأن ما ابتلي به ليس شيئاً جديداً، وإنما هو سنة أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام.
وفي هذه السورة تثبيت الله لنبيه صلوات الله وسلامه عليه، وكأن الله يقول له: كما ابتلي الذين من قبلك ثم نصرهم الله فكذلك أنت، فاطمئن إلى أن نصر الله قريب.
وفيها تهديد للكفار والمشركين على ما يفعلونه مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع المؤمنين، وأنهم إما أن يؤمنوا وإما أن ينزل بهم العذاب والعقوبة من عند رب العالمين كما حدث مع الذين من قبلهم.