ثم ذكر المشركين كيف عبدوا غير الله متعجباً من حالهم، أهذا الإله العظيم الذي يعبد؟ وما الذي يعبدونه من دون الله؟ قال: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الفرقان:3]، أي: أن هذه الآلهة التي عبدوها لا تخلق شيئاً، بل هي مخلوقة حيث كانت حجراً، وليس الإنسان هو الذي أوجد هذا الحجر، ولكن الله عز وجل هو الذي خلقه وأوجده، فإذا بالإنسان لا يعبد ربه ويعبد هذا الشيء المخلوق، وهذه الآلهة لا تخلق شيئاً بل هي مخلوقة خلقها الله عز وجل، وصنعها الإنسان فجعلها على هذه الهيئة: {وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الفرقان:3].
قوله: (ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً)، هذه الآلهة التي يعبدونها لا تملك لنفسها ضراً ولا نفعاً، هل يمكن للطفل الصغير أن ينفع نفسه؟ هذه الآلهة لا تعرف النفع ولا الضر، فبدأ بالضر قبل النفع؛ لأن النفع يحتاج إلى شيء من التعقل لينتفع به، ولكن الضر قد يقع للصبي فيضر نفسه، فيمسك سكينة ويقطع بها يده، وهذه الآلهة لا تعرف أن تعمل أي شيء، فهي حجر من الأحجار تضعه في مكان سيبقى في هذا المكان حتى ترجع إليه يوماً من الأيام.
فهذا الحجر الذي لا يملك أن يضر فضلاً عن أن ينفع نفسه، هل ينفعك أنت أو يضرك أنت؟ قال: {وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا} [الفرقان:3]، هنا يذكر تعالى من أفعاله العظيمة سبحانه أنه الذي يميت، وأنه الذي يحيي، وأنه الذي ينشر ويبعث يوم القيامة، فهل هذه الآلهة تملك أن تحيي شيئاً؟ هل تملك أن تميت شيئاً؟ هل تملك أن تبعث من في القبور للسؤال والحشر والنشور؟ لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم شيئاً، إذاً: كيف يعبدونها من دون الله؟ الحمد لله الذي جعلنا مسلمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.