قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} [الأنبياء:51].
وقد ذكر قبل ذلك موسى وهارون ولقد ذكر لنا في هذه السورة الكريمة ستة عشر نبياً بأسمائهم، وذكر فيها السيدة مريم أيضاً، والراجح أنها ليست نبية، وإن كان ربنا أوحى إليها وألهمها، ولكنها ليست نبية، وإنما هي صديقة عليها السلام.
وقد ذكر الله عز وجل في سورة الأنعام سبعة عشر نبياً قال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} [الأنعام:83 - 84] وذكر سبعة عشر نبياً بإبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
وفي هذه السورة ذكر سيدنا إبراهيم ثالث بني، بعد أن ذكر قبله موسى وهارون، وإبراهيم بمعنى: الأب الرحيم بلغتهم، وكان يلقب بأبي الضيفان؛ لأنه كان إذا جاءه ضيف أكرمه كرماً عظيماً نافعاً، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ} [الأنبياء:51] والرشد: الصلاح وحسن الخلق.
فإبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام آتاه الله عز وجل رشده من قبل موسى وهارون، وإن كان الله عز وجل قد ذكر موسى وهارون قبله في هذه السورة، ولكن إبراهيم من قبلهم، وهو وأبوهم على نبينا وعليه الصلاة والسلام.
فآتاه الله عز وجل الرشد، فقيل: بمعنى النبوة، وقيل: بمعنى الصلاح، أي: أصلحناه قبل أن يكون نبياً عليه الصلاة والسلام.
فكان يجادل ويناظر الناس بعبادتهم لغير الله سبحانه ثم أكرمناه بالنبوة.
قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} [الأنبياء:51] أي: كنا عالمين أنه أهل لذلك، وأنه مستحق لهذا الصلاح الذي جعلناه فيه، وصالح للنبوة عليه الصلاة والسلام.