ومن آداب المسجد أن السابق إلى المكان أحق به، فالإنسان الذي جاء إلى الصف الأول مبكراً هو أحق بمكانه، ولا أحد ينازعه في المكان فيقيمه ويجلس مكانه؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل الرجل من مكانه ويجلس هو فيه.
وكذلك نهى عن تخطي الرقاب، فقد رأى رجلاً يتخطى الرقاب في صلاة الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة، فقطع خطبته وقال للرجل: (اجلس فقد آذيت وآنيت) أي: آذيت الناس وتأخرت عن الصلاة.
فإذا كان الناس قد ازدحموا وملئوا المكان فلا ينبغي لأحد أن يتخطى رقابهم حتى يجلس أمامهم، وهذا تجده كثيراً، فبعض الناس في وقت صلاة الجمعة والمسجد مزدحم، فيدخل متأخراً من باب المسجد فيتخطى الصفوف حتى يجلس في الصف الأول! وهذا من سوء الأدب، فقد تأخر عن المجيء إلى المسجد وجاء ليؤذي الناس، والإيذاء للمسلمين حرام، فلا يجوز لأحد أن يؤذي أحداً من المسلمين، فمن الأذى لهم أن يتخطى أحد الصفوف ويجلس بينهم فيزحمهم في صفهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل بين الرجلين إلا بإذنهما، فلعل إنساناً يحب إنساناً آخر ويحب أن يجلس بجواره، فيأتي ثالث ويقول: وسع وسع، ويقف بين الاثنين، هذا من سوء الأدب، فالأدب أن يسلم ويستأذن فإذا أذنا له جلس، وإلا لم يجلس بينهما.
وأيضاً من الأدب في بيت الله عز وجل ألا يرفع فيه صوت بغير ذكر الله سبحانه وتعالى، ولا يتكلم في المسجد بأحاديث الدنيا.
وكذلك لا يضيق على أحد في الصف، وعلى الإنسان أن يحرص على الصف الأول، ففي الحديث: (إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول)، ولكن ليس معنى هذا أن يزاحم الإنسان المصلين، بل يأتي مبكراً حتى يجلس في الصف الأول.
وكثيراً ما يحدث هذا الخطأ فتجد الصف ممتلئ ولا يوجد مكان لآخر، فتجد من يدخل في الصف، حتى إن بعضهم يترك له المكان ويرجع إلى الصف الثاني، فهذا أخذ مكان غيره وليس مكانه ولا يستحقه.
وأحياناً بعض الناس يضايق الآخرين في الركوع أو السجود بكوعه، فقد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد فرج بين يديه، فيحاول أن يصنع ذلك في صلاة الجماعة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك إذا كان منفرداً أو إماماً صلى الله عليه وسلم.
فعلى المصلي في الصف أن يحرص على آداب الصف، ولا يؤذي أحداً من المصلين.
وكذلك لا يرفع صوته بذكر الله عز وجل لا في الصلاة ولا في غيرها بحيث يتأذى منه الناس، فالبعض يقرأ من المصحف بصوت عالٍ، وهذا خطأ، فعليه أن يخفض صوته ويسمع نفسه فقط، وإذا كان المسجد فارغاً فليرفع صوته إذا شاء: (والجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة) كما في الحديث.
وكثير من الناس يرفع صوته حتى في الصلاة، فيسمع الناس قراءته وتسبيحه ودعاءه، ويؤذي من بجواره.
عليك أن تقبل على الصلاة نشيطاً فرحاً بأنك تصلي كما في الحديث: (أرحنا بها يا بلال)، لكن لا ترفع صوتك فيها فتؤذي أحداً من الناس.
وبعض الناس في الصلاة يقرأ الفاتحة سراً حتى يصل إلى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:7] فيرفع صوته، فيزعج الذين بجواره.
وبعض الناس يظهر تعبه في الصلاة كالكسلان، فأنت تصلي بين يدي الله عز وجل، وفي الحديث: (إن الله لا يمل حتى تملوا)، فالله عز وجل لا يمنع عنك ثوابه حتى تمتنع أنت من طاعته سبحانه وتعالى، ومن ذكره سبحانه، فاحرص على إتقان الصلاة وإحسانها، فقف فيها بجد وبنشاط فإنك بين يدي الله عز وجل، وأري ربك أنك تعبده عبادةً حقيقة لا عبادةً فيها ملل.
ومن الآداب: ألا يمر أحد بين يدي مصلي، فإذا كان إنسان يصلي وجعل أمامه سترة فامش من وراء السترة.
والسترة للمصلي مشروعة، وبعض الناس يصلي في آخر المسجد بلا سترة، فيوقع الناس في الحرج عند الخروج والبحث عن أحذيتهم.
فاحرص إذا كنت مسبوقاً أن تصلي إلى سترة، وإذا لم تجد سترة أمامك فتقدم ودع غيرك يمر من ورائك.