قال أهل العلم: من فوائد غض البصر: أنه يورث نور القلب، والإنسان الذي يغض بصره فإنه يستنير قلبه، ويورث الفراسة، فيكون الإنسان ذكياً تقياً يعرف الشيء ويفطن إليه بمجرد إحساسه.
ولذلك أخبر سبحانه وتعالى عن قوم لوط أنهم أظلمت قلوبهم فصاروا متحيرين لا يفهمون ولا يفقهون، ووقعوا في هذه الجريمة الشنعاء وهي إتيان الرجال من دون النساء، فالله سبحانه وتعالى يخبر عنهم: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر:72].
والإنسان الذي يقع في المعصية وخاصة الفاحشة من زنا ولواط، فإن مبدأ هذه الفاحشة هو النظر إلى المرأة أو الأمرد، فيقع في النهاية في هذه الفاحشة والعياذ بالله.
وهؤلاء وقعوا فيها واستحلوا ما حرم الله سبحانه وتعالى، فأخبر تعالى أنه عاقبهم وعاجلهم بعقوبة عجيبة جداً، فأرسل عليهم رسولاً من عنده سبحانه يستدرجهم فيما هم فيه من بلاء ومعصية حتى إذا أصروا على الوقوع في هذه الفاحشة، إذا برسل الله عليهم الصلاة والسلام -وكانوا ملائكة من عند رب العالمين- يخرجون لوطاً، وإذا بالقرية تهدم على من فيها، ويرسل عليهم ربنا سبحانه وتعالى حجارة تحرق من كان فيها، ويهلكهم ويتلفهم ويدمرهم بهذه الجريمة، يقول تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يعمهون} [الحجر:72].
والسكرة: العماية، يعني: كأنهم مخمورون، فعقولهم تائهة قد سكرت كالإنسان الذي يشرب الخمر فيتوه عقله، وكذلك أنها مسَّكرة، أي: مغلقة عليهم قد أغلقت وتاهت عقولهم؛ بسبب ما وقعوا فيه من الفاحشة.
فالفواحش تظلم على الإنسان قلبه، ومبدأ هذه الفواحش من نظر الإنسان، فينظر فيقع في الزنا أو اللواط، والقلب يتمنى الشيء والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.