الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: قال الله عز وجل في سورة النور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور:6 - 10].
ذكر الله في هذه الآيات حكم القذف، ثم ذكر سبحانه قذفاً خاصاً وهو أن يقذف الرجل امرأته بجريمة الزنا والعياذ بالله، فالأول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور:4] أي: عموم المحصنات المؤمنات العفيفات: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:4]، فالإنسان القاذف استحق ثلاثة أنواع من العقوبة: أن يجلد الحد وهو ثمانون جلدة، وأن يوصف بأنه إنسان فاسق، وألا تقبل منه الشهادة أبداً، إلا إذا تاب إلى الله سبحانه وتعالى.
وذكرنا في الحديث السابق أن الله سبحانه وتعالى ذكر ثلاثة أشياء ثم استثنى بعد ذلك، فاختلف العلماء هل هذا الاستثناء: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [النور:5] يرجع إلى أقرب مذكور أو يرجع إلى جميع الأشياء السابقة.