فلما جاءه موسى وجادله بالحجج البينة، وأراه الآيات البينات، أبى فرعون إلا أن يكذب، قال الله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ} [المؤمنون:45 - 46] موسى رسول عليه الصلاة والسلام، وأخوه هارون أرسله الله عز وجل، وكان أكبر من موسى بسنة، وكان نبيناً ببركة دعوة موسى له، فقد دعا له أن يكون نبياً، فالله عز وجل جعله مع أخيه نبياً.
فأرسلهما إلى فرعون وملئه، والملأ: السادة الكبار من القوم، (فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ)، أخذتهم العزة بالإثم واستكبروا نظراً لأنهم أكبر من موسى وأفضل منه، فرأوا في أنفسهم القوة والعلو، ورأوا في غيرهم الضعف والهوان، فقال الله سبحانه: (فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ).
وقال تعالى: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} [القصص:4]، والعلو هنا هو قهر الغير والتجبر عليه، (وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ) أي: متكبرين قاهرين لغيرهم ظلماً، كما قال الله عز وجل: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ).