الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون:21 - 22].
ذكرنا في الحديث السابق أن الله سبحانه وتعالى منَّ على عباده بأن خلق لهم من الأنعام بهيمة وجعل من هذه البهائم للإنسان منافع كثيرة، وذكر هنا في هذه السورة بعضاً منها، فقال: {نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون:21 - 22] فالإنسان يشرب من ألبانها، ولكم فيها منافع كثيرة من أجلها: أنكم تأكلون منها، وأيضاً تركبون عليها وتحملون أثقالكم.
فذكر بهيمة الأنعام، ثم قال بعدها سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ} [المؤمنون:23] فيذكر بنعم الله عز وجل على عباده، ثم يذكرهم بالتوحيد الذي هو دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، والعبد إذا تذكر نعمة الله سبحانه، وأن الله هو الذي خلق ورزق، وهدى، وأعطى، وأن الله هو الذي ينزل من فضله على من يشاء من عباده، فيلزم العبد أن يعبد هذا الإله الواحد القادر سبحانه وتعالى.