قال تعالى: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون:22] وهذه من منافع الإبل خاصة، فالمرء يركب وتحمله من مكان إلى مكان، ولولا أن الله عز وجل الخالق العظيم سخر هذا الحيوان للإنسان لما استطاع أن ينتفع به، ويذكر أن الإبل لم تكن منذ خلق آدم مسخرة للإنسان، وإنما كانت برية وحشية إلى أن مكن الله عز وجل الإنسان منها وسخرها له قبل ألفي عام من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بدء ذلك في قارة آسيا خصوصاً في جزيرة العرب، فهي منبع ومنشأ الإبل.
وقيل: كان ذلك الاستئناس في سنة ثمانمائة قبل الميلاد، وقيل: بل كان في النصف الثاني من الألف الثانية قبل الميلاد، أي: قبل ميلاد المسيح على نبينا وعليه الصلاة والسلام بألف وخمسمائة عام، والله أعلم.
فبعد أن كانت الإبل شاردة وحشية جعلها الله عز وجل للإنسان مسخرة ذلولة، وفيها العديد من الصفات التي ينتفع بها الإنسان.
ومن فضل الله عز وجل على جزيرة العرب أن جعلها موطناً لهذه الإبل، فكانت سبباً في نهضة العرب، وحيث جاء أمر الله عز وجل بالجهاد والإعداد كانت الإبل هي الوسيلة التي ينتقل عليها العرب من مكان إلى مكان، بل في بعض الغزوات قد يشارك من لا خيل له، ولكنه يمتلك إبلاً ينقل عتاده وعدته، فكانت من أسباب الفتوح التي فتح الله عز وجل بها على المسلمين.
فقالوا: إنه كان من فضل الله عز وجل على هؤلاء أن استقروا في أماكنهم بأن سخر لهم هذه الإبل للاستقرار والانتقال من مكان إلى مكان.
وذكر علماء الاختصاص العديد من الفوائد التي تحصل للمرء من التغذية على ألبان الإبل ولحومها، ومعلوم أن الإبل تأكل من أعشاب الصحراء، وهي من الوفرة والكثرة بمكان، ولها عظيم النفع من الناحية الطبية، فحين تأكل الإبل من كل هذه الأشجار يكون لبنها مليئاً بعناصر هذه الأعشاب الصحراوية ومن ثم ينتفع بها الإنسان، فكان في ألبان الإبل منافع عظيمة جداً بسبب ما تأكله من أعشاب الصحراء.
وآيات الله في الإبل كثيرة ومتعددة، ففي خلقها قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية:17]، وفيما يخرج منها من منافع قال عنها وعن سائر الأنعام {وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} [المؤمنون:21] وفي تسخيرها بعد أن كانت متوحشة قال سبحانه: {سَخَّرَهَا لَكُمْ} [الحج:37] فلا يسع الإنسان إلا أن يحمد الله سبحانه على ما منحه فيها من النعم العظيمة.
كما أن من يتعود على أكل لحوم الإبل وشرب ألبانها قال العلماء: فإنها تؤثر في أخلاقه، فيعتاد القدرة على حمل الأشياء الثقيلة، والصبر الطويل، كما أن أمعاء الذي يأكل من لحوم الإبل ويعتاد على شرب ألبانها تكون من أقوى الأمعاء، فلا يصيبها في الغالب نوع من الوهن، ولا الضعف، ولا الأمراض إلا في النادر.