تفسير قوله تعالى: (إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم)

قال تعالى: {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ} [محمد:37] الإحفاء: بمعنى الجز والاستئصال، ومنه إحفاء الشارب، كأن يقصه ويجزه جزاً شديداً بحيث لا ينزل على الشفاه منه شيء، فمعنى (يحفكم) أي: يشدد ويأخذ الأكثر من المال تبخلوا: {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} [محمد:37] فالإنسان قد يحقد على الدين فيقول: لماذا تأخذوا منا هذا المال، نتعب لأجل أن تأخذوا منا خمسين في المائة من أموالنا؟! فلو ربنا سبحانه تبارك وتعالى هو الذي يقول ذلك، ويجيء الإنسان لا رحمة عنده مثل قطاع الطريق، من أجل أن يأخذ الضرائب من الجميع فتكون دولة رأسمالية ديمقراطية، فهذه الأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، ولو عاد الناس إلى شرع الله عز وجل وأخذ الفقير المال من الإنسان الغني لكفت الزكاة الفقراء، وعندما لا تكفي الزكاة للفقراء فمن حق الحاكم أن يفرض على الناس ضرائب بحسب مقدرتهم وليس بالتشديد على الناس، فلو أن الله سبحانه الخالق شدد على الناس لبخلوا وأخرجوا أضغانهم، ولكن الله برحمته لم يجعل ذلك، ألا يتعلم الإنسان من ربه سبحانه؟! الله خلق المال وخلق الإنسان، ولم يفعل ذلك مع الإنسان سبحانه تبارك وتعالى، {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} [محمد:37].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015