قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ} [محمد:26] ارتدوا عن دين الله عز وجل، ورجعوا بأن أصغوا لليهود، وللنصارى فسمعوا كلام هؤلاء وأعطوهم الوعود بألسنتهم: سنكون معكم قليلاً، فنكون مع هؤلاء مرة ومع هؤلاء مرة مع النبي صلى الله عليه وسلم مرة، ومعكم مرة ثانية.
ذلك الجزاء بأنهم قالوا لهؤلاء الكارهين ما أنزل الله من مشركين وعباد أوثان، ومن يهود ونصارى: {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ} [محمد:26] ليس في كل الأمر، لا، نحن نقول: لا إله إلا الله، لكن سنطيعكم في بعض الأمر.
قال الله سبحانه: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد:26] والله يعلم ما في قلوبهم، فهم أحبوا هذا النفاق، وأحبوا معصية الله سبحانه تبارك وتعالى، فهم قالوا: لا إله إلا الله بألسنتهم، ولم تتحقق في قلوبهم، فقال: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد:26] وهذه قراءة حفص عن عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف، وباقي القراء يقرءونها: (والله يعلم أَسرَارهم) الإسرار: مصدر من أسرَّ إسراراً، وأسرارهم أي: فيما يبطنونه، والمعنى: كل أسرار هؤلاء عند الله عز وجل لا يخفى منها عن الله عز وجل شيء، ومهما تكتم من شيء فإن الله يعلمه، فالله يعلم إسرارهم.