فتح القسطنطينية

يقول صلى الله عليه وسلم: (سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب في البحر؟)، يقول ذلك للمسلمين، فقالوا: نعم، قال: (لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، فإذا جاءوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح).

هذه البلدة يقول شراح الحديث: القسطنطينية، معقل الروم أيام هرقل، فإنه بعدما أخذت منه ديار الشام تحسر وهو ينظر إلى سوريا وفر منها إلى القسطنطينية، وهي في شمال البحر المتوسط جزء منها في البحر المتوسط وبعضها على البحر الأسود، فهي بلدة محاطة بالبحر الأبيض والبحر الأسود، وهذه البلدة لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بني إسحاق، وكان كثير من شراح الأحاديث يقولون: إن الصواب أنهم من بني إسماعيل، ولا مانع أن يكونوا من بني إسحاق، فإن إسماعيل وإسحاق ولدان لإبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وإسماعيل أبو العرب، وإسحاق أبو العجم، وكأن معنى الحديث وهو في صحيح مسلم أن بني إسحاق سيدخلون في دين الله عز وجل، وقد حصل أن كثيراً من ولد إسحاق دخلوا في دين الله، فيخبر عن هؤلاء الذين أسلموا من بني إسحاق أنهم سيفتحون هذه البلدة وأن ذلك من أشراط الساعة.

يقول: (فلم يقاتلوا بسلاح، ولم يرموا بسهم) وقد يقول قائل: الكفار يسيطرون على بلاد الدنيا الآن فنقول له: ومع ذلك هناك فتح ثاني غير الفتح الإسلامي الماضي، فإن الفتح الإسلامي الماضي ما كان فيه (فلم يقاتلوا) لكن هذا الفتح يخبر أنه سيكون في يوم من الأيام، وأنه سيلي ذلك خروج المسيح الدجال، وهذا الفتح ليس الذي حصل للقسطنطينية في الماضي، ولكن المقصود فتح جديد سيكون بعد ذلك، وفي هذا الحديث إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل سيفتح للمؤمنين فليتمسكوا بدينهم، فإن الله عز وجل سيعطيهم قوة، والإنسان المسلم حين ينظر لأسباب القوة اليوم يشعر بشيء من اليأس؛ لأن الكفار والمشركين يملكون قنابل نووية ومع ذلك يمنعون المسلمين أن يمتلكوا تلك الأسلحة، فيقول للمؤمن: لا تيئس، سيكون الفتح من الله عز وجل، ولن تحتاج لقنابل نووية ولا غيره من السلاح، بل سيجعل الله عز وجل من بني إسحاق من يسلم وهم الذين سيتغلبون على هذه البلدة، وسيكونون من أفضل خلق الله عز وجل، فيقول صلى الله عليه وسلم: (فإذا جاءوها) أي: بلدة القسطنطينية (نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم).

أي: إنما قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط أحد جانبيها، قال الله {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّه} [آل عمران:126]، وكم من بلد أسقطه الله سبحانه وتعالى بالمظاهرة بلا سلاح ولا غيره، والذي حصل إما خيانات أو مظاهرات من الناس، فإذا كان هؤلاء الكفار سقطت بلدانهم بمظاهرات ألا ينصر الله عز وجل هذا الدين بلا إله إلا الله والله أكبر؟! يقول: (فيسقط أحد جانبيها الذي في البحر، ثم يقولون الثانية: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولون الثالثة: لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلونها، فيغنمون، فبينما هم يقتسمون المغانم إذ جاءهم الصريخ ينادي عليهم: الحقوا ذراريكم فقد خرج المسيح الدجال، فيتركون كل شيء من المغانم ويرجعون للجهاد في سبيل الله عز وجل، فهؤلاء خير عصابة تكون على الأرض).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015