يقول صلى الله عليه وسلم هنا ذاكراً من علامات الساعة: (وكتمان الشهادة) كتمان الشهادة من علامات الساعة، فيكون الإنسان مظلوماً وأنت تعرف ذلك وقد شاهدت ما حصل بنفسك فتأبى أن تشهد معه، ومن ذلك مثلاً: امرأة زوج قريبتها تبنى طفلاً صغيراً، ومعلوم أن التبني حرام، فمات هذا الرجل وعنده مال، وورثه هو وأخواته البنات، والرجل صنع وكالة لهذا المتبنى، ونسبه لنفسه، فأخذ الولد المال كله يصرفه على نفسه ويضيعه، وهم يقولون: إنه لا يعطي لعماته، ومعلومٌ أن هذا المتبنى ليس له من المال شيء، بل هو آكل مال الورثة، وضاع الإرث عن أصحابه بسبب كتم الموروث الشهادة.
فالمطلوب منك أن تدلي بشهادة الحق، حتى لا يضيع المال على صاحبه.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكذبة والفساق أنه يسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته، ويخبر أنه من علامة المؤمن أن يؤدي الشهادة قبل أن تطلب منه، وأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على من يشهد بعد أن تطلب منه، وأمر بأن يشهد من غير أن يطلب منه؛ لأنه يعلم أن الحق سيضيع على أصحابه لو لم يشهد.
فيبدأ هو بالشهادة من عند نفسه من غير أن يستدعيه إنسان، فمن يعرف مظلوماً سيضيع حقه، فعليه أن يؤدي الشهادة بحقها حتى لا يضيع هذا المظلوم.