ذكرنا فيما مضى أن الله سبحانه وتعالى أرسل نبيه هوداً إلى عاد، وهم قبيلة كانوا يسكنون الأحقاف، والأحقاف جمع حقف، وهي: المرتفعات من الرمال كهيئة الجبال وإن كانت ليست عظيمة العلو، ولكنها محقوقفة، أي: منحنية الأطراف أو الارتفاع.
وهذا المكان الذي كانوا فيه ما بين حضرموت في اليمن وجنوب الجزيرة في منطقة الربع الخالي.
قال تعالى: ((وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ))، وهو هود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
قوله: ((إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ))، وكانوا يعبدون آلة من دون الله سبحانه وتعالى، فحذرهم من عبادة غير الله، وكانوا يعصون الله سبحانه وتعالى، وكانوا يتطاولون على خلق الله، معجبين بأجسامهم، معجبين بقوتهم، وكانوا مترفين منعمين، فأعطاهم الله القوة، وأعطاهم المال، وأعطاهم الأرض الواسعة المنبسطة الفسيحة، وأعطاهم نعماً كثيرة، فلم يشكروا الله سبحانه، وإنما كفروا واغتروا، وكانوا يؤذون خلق الله سبحانه، وقد وصفهم الله بقوله: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر:7] أي: أنهم قبيلة ذات عماد، والعماد جمع عمود، والإنسان يعيش في مكان له أعمدة عادية، لكن إن كان هذا الإنسان طويلاً جداً فيحتاج إلى مثل ذلك، فهم قد أعطاهم الله عز وجل أجساماً في غاية القوة، في غاية الطول، فاغتروا على خلقه، واغتروا بما أعطاهم الله سبحانه، وفعلوا ما يغضب الله سبحانه، ففعلوا أفحش وأعظم ما يقع فيه إنسان يغضب الله من الكفر بالله والشرك به، واتخاذ الآلهة من دون الله، أو يتقربون بها إلى الله سبحانه وتعالى، فاتخذوها قرباناً آلهة، واتخذوا آلهة صنعوها بأيديهم، فعبدوها تقرباً بزعمهم إلى خالقهم سبحانه وتعالى، فحذرهم نبيهم عليه الصلاة والسلام، ((أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)).