قال الله تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية:20] أي: هذا الذي ذكرناه، وجاءك من عند الله، فيه دلائل بينة واضحة على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وقد أخبركم الله فيه عما يريده منكم.
ففيه براهين، ودلائل ومعالم للناس، وفيه حدود الله عز وجل وأحكامه، فقد وضح لكم شرعه، فجعله كالشيء المبصر تراه أمامك واضحاً، فلا إشكال في شرع الله عز وجل، فقد وضح كل شيء في كتابه وعلى لسان نبيه صلوات الله وسلامه عليه وبفعله.
((هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى)) أي: هذا القرآن العظيم هدى من الله، يبصر الخلق، ويهديهم الله عز وجل رحمة بهم.
فالحجة تقام على الجميع بهذا القرآن، وأما الهداية والرحمة فهي لمن اختصه الله عز وجل، فيحول من يشاء إلى دينه سبحانه وتعالى، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بفضله وبكرمه.
وأما الرسول فإنما عليه أن يبين، وأن يبلغ صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ} [المائدة:99]، وقال: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النور:54].
فالرسول يبين عليه الصلاة والسلام، {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة:213]، فيرحم عباده الذين يصدقون ويؤمنون ويتابعون الرسول صلوات الله وسلامه عليه.