قوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف:54] الفسق: الخروج من دين رب العالمين سبحانه، والفسق الأصغر: معصية رب العالمين، فهم خارجون عن طاعة رب العالمين سبحانه، والفسق الأكبر: الخروج من دين رب العالمين سبحانه، فلما آسفونا أخذناهم بالعذاب ونصرنا موسى على فرعون ومن معه من السحرة {فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ * فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} [الشعراء:44 - 46] فالسحرة الذين جاءوا لينصروا فرعون سجدوا لله وقالوا: آمنا برب العالمين، وفرعون لم يتعظ من هؤلاء الذين يعرفون السحر ويفرقون بين السحر وبين الحقيقة، فيلقون حبالهم وعصيهم وهم يعرفون أن الذي يصنعونه يخيل لأعين الناس أنه يسعى، لكن العصا التي ألقاها موسى تحولت حقيقة إلى ثعبان مبين فأكل ولقف كل ما ألقاه هؤلاء فعرفوا أنه رسول من رب العالمين فآمن السحرة وسجدوا لله رب العالمين، فكانوا في الصباح كفاراً فأمسوا مؤمنين أبراراً رضي الله تبارك وتعالى عنهم، وتمسكوا بدين رب العالمين حتى وإن قتلهم فرعون أو هددهم فقال: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ * قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه:71 - 72] فرعون هو الذي جمع السحرة من أقصى الأرض ثم بعد ذلك يقول: إن موسى هو الذي علمهم السحر، ومن حوله يعرفون كذب فرعون، فإن موسى لم يذهب إلى السحرة ويتعلم منهم السحر، ولكن فرعون لا يستحيي أن يكذب على هؤلاء الناس وهو ملك، وإن من أشد الناس عذاباً عند رب العالمين الملك الكذاب، ففرعون يكذب ويقول للسحرة: إن موسى هو كبيركم الذي علمكم السحر {فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الشعراء:49] {فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى * قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [طه:71 - 72].